منتدى الرحمة منك يارحيم
[img][/img]
اخى الزائر / اختى الزائرة يرجا التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت عضوا معنا
او التسجيل ان لم تكن عضوا وترغب في الانضمام الى اسرة المنتدى
سنتشرف بتسجيلك
شكرا  كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر  829894
ادارة المنتدى  كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر  103798
منتدى الرحمة منك يارحيم
[img][/img]
اخى الزائر / اختى الزائرة يرجا التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت عضوا معنا
او التسجيل ان لم تكن عضوا وترغب في الانضمام الى اسرة المنتدى
سنتشرف بتسجيلك
شكرا  كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر  829894
ادارة المنتدى  كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر  103798

 



 
الرئيسية كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر  Emptyأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر | 
 

  كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
براءة
المدير العام

براءة

عدد المساهمات : 2981
تاريخ التسجيل : 04/07/2011

 كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر  Empty
مُساهمةموضوع: كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر     كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر  I_icon_minitimeالأربعاء أغسطس 10, 2011 7:53 am

الحمد لله وحده ؛ والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
وبعد :
هذا بحث انتزعته من كتابي ( كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر :
المبحث الأول

صلاة النبي  للركعتين بعد الوتر
الحديث الأول :
قال الإمام مسلم في ( صحيحه ) حديث رقم ( 126 ) :
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ كَانَ يُصَلِّى ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ يُوتِرُ ثُمَّ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَرَكَعَ ثُمَّ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءِ وَالإِقَامَةِ مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ ) .
قلت : أخرجه النسائي في ( الكبرى ) رقم ( 450 ) بلفظ :
( حدثنا أبو سلمة أنه سأل عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : كان يصلي ثماني ركعات ثم يوتر ثم يصلي ركعتين وهو جالس فيقرأ ويركع ويصلي ركعتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح ) . تابعه جعفر بن ربيعة .
وأخرجه أبوداود رقم ( 1350 ) من طريق :
حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - يَعْنِى ابْنَ سَلَمَةَ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ بِسَبْعٍ أَوْ كَمَا قَالَتْ وَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ وَرَكْعَتَىِ الْفَجْرِ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ ) . وأخرجه النسائي رقم ( 1722 ) من طريق :
عبد الرزاق قال حدثنا معمر عن قتادة عن الحسن قال أخبرني سعد بن هشام عن عائشة أنه سمعها تقول : ( إن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يوتر بتسع ركعات ثم يصلي ركعتين وهو جالس فلما ضعف أوتر بسبع ركعات ثم صلى ركعتين وهو جالس ) .
قال العلامة المحدث الألباني : صحيح .
وأخرجه النسائي رقم ( 1722 ) من طريق :
معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوتر بتسع ركعات لم يقعد إلا في الثامنة فيحمد الله ويذكره ويدعو ثم ينهض ولا يسلم ثم يصلي التاسعة فيجلس فيذكر الله عز وجل ويدعو ثم يسلم تسليمة يسمعنا ثم يصلي ركعتين وهو جالس فلما كبر وضعف أوتر بسبع ركعات لا يقعد إلا في السادسة ثم ينهض ولا يسلم فيصلي السابعة ثم يسلم تسليمة ثم يصلي ركعتين وهو جالس .
قال الإمام الألباني : صحيح . ، صحيح أبي داود ( 1213 ) .
وأخرجه أبوداود رقم ( 1351 ) من طريق :
حماد عن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بتسع ركعات ثم أوتر بسبع ركعات وركع ركعتين وهو جالس بعد الوتر يقرأ فيهما فإذا أراد أن يركع قام فركع ثم سجد قال أبو داود روى الحديثين خالد بن عبد الله الواسطي عن محمد بن عمرو مثله قال فيه قال علقمة بن وقاص يا أمتاه كيف كان يصلي الركعتين فذكر معناه .
وأخرجه الإمام أحمد في ( مسنده ) ( 6/ 155 ) :
ثنا أبو النضر ثنا محمد يعنى بن راشد عن يزيد بن يعفر عن الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة : ( إن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا صلى العشاء دخل المنزل ثم صلى ركعتين ثم صلى بعدهما ركعتين أطول منهما ثم أوتر بثلاث لا يفصل فيهن ثم صلى ركعتين وهو جالس يركع وهو جالس ويسجد وهو قاعد جالس ) .
قال شعيب الأرنؤوط : يزيد بن يعفر ترجم له الحافظ في التعجيل 2 / 381 ولم يذكر في الرواة عنه سوى محمد بن راشد ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان وقال الدارقطني : يعتبر به وقال الذهبي في الميزان : ليس بحجة . ومحمد بن راشد المكحولي وثقه أحمد وابن معين وابن المبارك والنسائي وغيرهم وروى له أصحاب السنن وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين .
وأخرجه الطحاوي في ( شرح معاني الآثار ) ( 1/ 165 ) :
حدثنا بكار قال ثنا أبو داود قال ثنا أبو حرة عن الحسن عن سعد بن هشام الأنصاري أنه : سأل عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم بالليل فقالت : كان يصلى العشاء ثم يتجوز بركعتين وقد أعد سواكه وطهوره فيبعثه الله لما شاء أن يبعثه فيتسوك ويتوضأ ثم يصلى ركعتين ثم يقوم فيصلى ثمان ركعات يسوى بينهن في القراءة ثم يوتر بالتاسعة فيبعثه الله لما شاء أن يبعثه فيتسوك ويتوضأ ثم يصلى ركعتين ثم يقوم فيصلى ثمان ركعات يسوى بينهن في القراءة ثم يوتر بالتاسعة فلما أسن رسول الله صلى الله عليه و سلم وأخذه اللحم جعل تلك الثماني ستا ثم يوتر بالسابعة ثم يصلى ركعتين وهو جالس يقرأ فيهما بقل يا أيها الكافرون وإذا زلزلت الأرض ) .
وصححه العلامة المحدث الألباني في ( صلاة التراويح ) ( ص 101 ) .
وأخرجه مسلم في ( صحيحه ) ( 139 ) من طريق :
مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى عَدِىٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ أَرَادَ أَنْ يَغْزُوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ عَقَارًا لَهُ بِهَا فَيَجْعَلَهُ فِى السِّلاَحِ وَالْكُرَاعِ وَيُجَاهِدَ الرُّومَ حَتَّى يَمُوتَ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ لَقِي أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَنَهَوْهُ عَنْ ذَلِكَ وَأَخْبَرُوهُ أَنَّ رَهْطًا سِتَّةً أَرَادُوا ذَلِكَ فِي حَيَاةِ نَبِي اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَنَهَاهُمْ نَبِيُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ « أَلَيْسَ لَكُمْ فِىَّ أُسْوَةٌ ». فَلَمَّا حَدَّثُوهُ بِذَلِكَ رَاجَعَ امْرَأَتَهُ وَقَدْ كَانَ طَلَّقَهَا وَأَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلَهُ عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ بِوِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ مَنْ قَالَ عَائِشَةُ. فَأْتِهَا فَاسْأَلْهَا ثُمَّ ائْتِنِى فَأَخْبِرْنِى بِرَدِّهَا عَلَيْكَ فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهَا فَأَتَيْتُ عَلَى حَكِيمِ بْنِ أَفْلَحَ فَاسْتَلْحَقْتُهُ إِلَيْهَا فَقَالَ مَا أَنَا بِقَارِبِهَا لأَنِّى نَهَيْتُهَا أَنْ تَقُولَ فِى هَاتَيْنِ الشِّيعَتَيْنِ شَيْئًا فَأَبَتْ فِيهِمَا إِلاَّ مُضِيًّا. - قَالَ - فَأَقْسَمْتُ عَلَيْهِ فَجَاءَ فَانْطَلَقْنَا إِلَى عَائِشَةَ فَاسْتَأْذَنَّا عَلَيْهَا فَأَذِنَتْ لَنَا فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا. فَقَالَتْ أَحَكِيمٌ فَعَرَفَتْهُ. فَقَالَ نَعَمْ.
فَقَالَتْ مَنْ مَعَكَ قَالَ سَعْدُ بْنُ هِشَامٍ. قَالَتْ مَنْ هِشَامٌ قَالَ ابْنُ عَامِرٍ فَتَرَحَّمَتْ عَلَيْهِ وَقَالَتْ خَيْرًا - قَالَ قَتَادَةُ وَكَانَ أُصِيبَ يَوْمَ أُحُدٍ. فَقُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِى عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-.
قَالَتْ أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قُلْتُ بَلَى. قَالَتْ فَإِنَّ خُلُقَ نَبِىِّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ الْقُرْآنَ. - قَالَ - فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُومَ وَلاَ أَسْأَلَ أَحَدًا عَنْ شَىْءٍ حَتَّى أَمُوتَ ثُمَّ بَدَا لِى فَقُلْتُ أَنْبِئِينِى عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. فَقَالَتْ أَلَسْتَ تَقْرَأُ (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) قُلْتُ بَلَى. قَالَتْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ فِى أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ فَقَامَ نَبِىُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحَابُهُ حَوْلاً وَأَمْسَكَ اللَّهُ خَاتِمَتَهَا اثْنَىْ عَشَرَ شَهْرًا فِى السَّمَاءِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِى آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ التَّخْفِيفَ فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ. - قَالَ - قُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِى عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. فَقَالَتْ كُنَّا نُعِدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ فَيَتَسَوَّكُ وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّى تِسْعَ رَكَعَاتٍ لاَ يَجْلِسُ فِيهَا إِلاَّ فِى الثَّامِنَةِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يَنْهَضُ وَلاَ يُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّى التَّاسِعَةَ ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا ثُمَّ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ مَا يُسَلِّمُ وَهُوَ قَاعِدٌ فَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يَا بُنَىَّ فَلَمَّا أَسَنَّ نَبِىُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَخَذَ اللَّحْمَ أَوْتَرَ بِسَبْعٍ وَصَنَعَ فِى الرَّكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَنِيعِهِ الأَوَّلِ فَتِلْكَ تِسْعٌ يَا بُنَىَّ وَكَانَ نَبِىُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا صَلَّى صَلاَةً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهَا وَكَانَ إِذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَىْ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَلاَ أَعْلَمُ نَبِىَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِى لَيْلَةٍ وَلاَ صَلَّى لَيْلَةً إِلَى الصُّبْحِ وَلاَ صَامَ شَهْرًا كَامِلاً غَيْرَ رَمَضَانَ. - قَالَ - فَانْطَلَقْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسِ فَحَدَّثْتُهُ بِحَدِيثِهَا فَقَالَ صَدَقَتْ لَوْ كُنْتُ أَقْرَبُهَا أَوْ أَدْخُلُ عَلَيْهَا لأَتَيْتُهَا حَتَّى تُشَافِهَنِى بِهِ. - قَالَ - قُلْتُ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ لاَ تَدْخُلُ عَلَيْهَا مَا حَدَّثْتُكَ حَدِيثَهَا ) .

الحديث الثاني :
قال الإمام أحمد في ( مسنده ) ( 5/269 ) :
حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عُمَارَةُ - يَعْنِى ابْنَ زَاذَانَ - حَدَّثَنِى أَبُو غَالِبٍ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُوتِرُ بِتِسْعٍ حَتَّى إِذَا بَدَّنَ وَكَثُرَ لَحْمُهُ أَوْتَرَ بِسَبْعٍ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ فَقَرَأَ بِ (إِذَا زُلْزِلَتِ) وَ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ).
قلت : هذا إسناد حسن ، والحديث صحيح لغيره بشواهده .
عمارة بن زاذان هذا وثقه الإمام أحمد ومسلم ويعقوب بن سفيان والعجلي ، وقال أبوزرعة :
لا بأس به . وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به ليس بالمتين . وقال بن عدي : وهو عندي لا بأس به ممن يكتب حديثه . وذكره بن حبان في الثقات . وقال الدارقطني : ضعيف . قلت وزاد البرقاني عنه يعتبر به .وضعفه غيرهم . انظر ( تهذيب التهذيب ) .
قلت : وأخرجه الإمام أحمد في ( مسنده ) ( 5/260 ) :
ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ يَعْنِى ابْنَ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَبِى عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَبِى غَالِبٍ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ : أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ وَهُوَ جَالِسٌ ، يَقْرَأُ فِيهِمَا (إِذَا زُلْزِلَتِ) وَ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) .
قلت : هذا إسناد حسن ، صحيح بما قبله .

الحديث الثالث :
وأخرج الدارقطني في ( سننه ) ( رقم / 19 ) :
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفَّى حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِى حَكِيمٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُصَلِّى بَعْدَ الْوِتْرِ رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ يَقْرَأُ فِى الرَّكْعَةِ الأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَ (إِذَا زُلْزِلَتْ) وَفِى الأُخْرَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ).
قَالَ لَنَا أَبُو بَكْرٍ هَذِهِ سُنَّةٌ تَفَرَّدَ بِهَا أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَحَفِظَهَا أَهْلُ الشَّامِ.
قلت : هذا إسناد حسن ، وهو صحيح بما قبله .
بقية هو ابن الوليد ثقة مدلس ؛ ولكنه صرح بالتحديث عند إسحاق بن راهويه في ( مسنده ) رقم ( 1319 ) وعند الطبراني في ( مسند الشاميين ) رقم ( 759 ) .
وعتبة بن أبي حكيم حسن الحديث إن شاء الله ، وثقه يحيى بن معين في رواية ، ومروان بن محمد الطاطري ، وأبوزرعة الدمشقي ، وابن حبان ،والطبراني ، وقال أبو حاتم :
صالح لا بأس به . وقال دحيم : مستقيم الحديث .وقال ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به . وضعفه غيرهم .والحق أنه حسن إذا لم يخالف .و قد تبنى الحافظ الذهبي قول أبي حاتم فيه ، كما في الكاشف . والله أعلم .

الحديث الرابع :
أخرج الترمذي ( رقم / 471 ) :
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مُوسَى الْمَرَئِىِّ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُصَلِّى بَعْدَ الْوِتْرِ رَكْعَتَيْنِ ) .
قَالَ أَبُو عِيسَى وَقَدْ رُوِىَ نَحْوُ هَذَا عَنْ أَبِى أُمَامَةَ وَعَائِشَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم-.
صححه الإمام المحدث الألباني في ( صحيحي ) الترمذي وابن ماجه .

الحديث الخامس :
قال الإمام إسحاق بن راهويه في ( مسنده ) رقم (1808 ) :
أخبرنا أحمد بن أيوب الضبي عن أبي حمزة السكري عن جابر بن يزيد بن مرة الجعفي عن شريح العراقي عن عائشة قالت : ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصنع بعد الوتر شيئا إلا أن يستاك ثم يصلي ركعتين خفيفتين ) .
قلت : هذا إسناد ضعيف ، والحديث حسن بما قبله .
جابر بن يزيد الجعفي ضعيف .

المبحث الثاني
أقوال العلماء في صلاة النبي  بعد الوتر
قال الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله في ( فتح الباري شرح صحيح البخاري ) ( 6/ 260 ) :
( واختلف العلماء في الركعتين بعد الوتر ؟
فمنهم من استحبها وأمر بها ، ومنهم : كثير بن ضمرة وخالد بن معدان .
وفعلها الحسن جالساً .
وتقدم عن أبي مجلز ، أنه كان يفعلها .
ومن أصحابنا من قال : هي من السنن الرواتب .
وفي حديث سعد بن هشام ما يدل على مواظبة النبي ( عليهما .
ومن هؤلاء من قال : الركعتان بعد الوتر سنة له ، كسنة المغرب بعدها ، ولم يخرج بذلك المغرب عن أن يكون وتراً لها .
ومن العلماء من رخص فيهما ، ولم يكرههما ، هذا قول الأوزاعي وأحمد .
وقال : ارجوا إن فعله أن لا يضيق ، ولكن يكون ذلك وهو جالس ، كما جاء في الحديث . قيل له : تفعله أنت ؟ قالَ : لا .
وقال ابن المنذر : لا يكره ذَلِكَ .
ومن هؤلاء من قال : إنما فعل النبي ( ذلك أحيانا لبيان الجواز فقط .
وحكي عن طائفة كراهة ذلك ، منهم قيس بن عبادة ومالك والشافعي .
فأما مالك ، فلم يعرف هاتين الركعتين بعد الوتر - : ذكره عنه ابن المنذر .
وأما الشافعي ، فحكي عنه أنه قال : أمر النَّبيّ ( أن نجعل آخر صلاتنا بالليل وتراً ، فنحن نتبع أمره ، وأما فعله فقد يكون مختصا به .
و أشار البيهقي إلى أن هاتين الركعتين تركهما النبي ( بعد فعلهما ، وانتهى أمره إلى أن جعل آخر صلاته بالليل وتراً .
وهذا إشارة إلى نسخهما ، وفيه نظر .
وإذا كان مذهب الشافعي أنه لا تكره الصلاة بعد الوتر بكل حال ، فكيف تكره هاتان الركعتان بخصوصهما ، مع ورود الأحاديث الكثيرة الصحيحة بها ؟
وقد ذكر بعض الناس : أن النَّبيّ ( كانَ يصلي ركعتين بعد وتره جالساً ، لما كانَ يوتر من الليل ويجعل الركعتين جالسا كركعة قائمًا ، فيكون كالشفع لوتره ، حتَّى إذا قام ليصلي من آخر الليل لم يحتج إلى نقضه بعد ذَلِكَ .
وربما استأنسوا لذلك بحديث ثوبان : كنا مع النبي ( في سفر ، فقال : ( ( إن هذا السفر جهد وثقل ، فإذا أوتر أحدكم فليركع ركعتين ، فإن استيقظ ، وإلا كانتا له ) ) .
خرجه ابن حبان في ( ( صحيحه ) ) .
وهذا القول مردود ؛ لوجهين :
أحدهما : أن حديث عائشة يدل - لمن تأمله - على أن هذا كانَ النَّبيّ ( يفعله في وتره من آخر الليل ، لا من أوله ، وكذلك حديث ابن عباس .
وثانيهما : أن صلاته جالساً لم تكن كصلاة غيره من أمته على نصف صلاة القائم .
( ( صلاة الرجل قاعداً على نصف الصلاة ) ) ، وأنت تصلي قاعداً ؟ قالَ : ( ( أجل ؛ ولكني لست كأحد منكم ) ) .
و أما حديث ثوبان ، فتأوله بعضهم على أن المراد : إذا أراد أن يوتر فليركع ركعتين .
وكأنه يريد أنه لا يقتصر في وتره في السفر على ركعة واحدة ، بل يركع قبلها ركعتين ، فيحصل له بهما نصيب من صلاة الليل ، فإن لم يستيقظ من آخر الليل كان قد اخذ بحظ من الصلاة ، وإن استيقظ صلى ما كتب له ، وهذا متوجه . والله سبحانه وتعالى أعلم .
وروي عن النبي ( ، أنه كان يصلي في السفر صلاته من الليل قبل أن ينام .
ففي ( ( المسند ) ) من حديث شرحبيل بن سعد ، عن جابر ، أنه كان مع النبي ( في سفر ، فصلى العتمة - وجابر إلى جنبه - ، ثم صلى بعدها ثلاث عشرة سجدة .
وشرحبيل ، مختلف فيه ) .

قال الإمام الحافظ النووي في ( شرح مسلم ) ( 6/21 ) :
( هذا الحديث أخذ بظاهره الأوزاعي وأحمد فيما حكاه القاضي عنهما فأباحا ركعتين بعد الوتر جالسا ؛ وقال أحمد : لا أفعله ولا أمنع من فعله . قال وأنكره مالك ؛ قلت : الصواب أن هاتين الركعتين فعلهما صلى الله عليه و سلم بعد الوتر جالسا لبيان جواز الصلاة بعد الوتر وبيان جواز النفل جالسا ولم يواظب على ذلك بل فعله مرة أو مرتين أو مرات قليلة ولا تغتر بقولها كان يصلي فإن المختار الذي عليه الأكثرون والمحققون من الأصوليين أن لفظه كان لا يلزم منها الدوام ولا التكرار وإنما هي فعل ماض يدل على وقوعه مرة فإن دل دليل على التكرار عمل به وإلا فلا تقتضيه بوضعها وقد قالت عائشة رضي الله عنها : كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه و سلم لحله قبل أن يطوف . ومعلوم أنه صلى الله عليه و سلم لم يحج بعد أن صحبته عائشة إلا حجة واحدة وهي حجة الوداع فاستعملت كان في مرة واحدة ولا يقال لعلها طيبته في إحرامه بعمرة لأن المعتمر لا يحل له الطيب قبل الطواف بالإجماع فثبت أنها استعملت كان في مرة واحدة كما قاله الأصوليون وإنما تأولنا حديث الركعتين جالسا لأن الروايات المشهورة في الصحيحين وغيرهما عن عائشة مع روايات خلائق من الصحابة في الصحيحين مصرحة بأن آخر صلاته صلى الله عليه و سلم في الليل كان وترا وفي الصحيحين أحاديث كثيرة مشهورة بالأمر بجعل آخر صلاة الليل وترا منها اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا وصلاة الليل مثنى مثنى فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة وغير ذلك فكيف يظن به صلى الله عليه و سلم مع هذه الأحاديث وأشباهها أنه يداوم على ركعتين بعد الوتر ويجعلهما آخر صلاة الليل وإنما معناه ما قدمناه من بيان الجواز وهذا الجواب هو الصواب وأما ما أشار إليه القاضي عياض من ترجيح الأحاديث المشهورة ورد رواية الركعتين جالسا فليس بصواب لأن الأحاديث إذا صحت وأمكن الجمع بينها تعين وقد جمعنا بينها ولله الحمد ) .

قال شيخ الإسلام رحمه الله في ( الفتاوى الكبرى ) ( 2/ 214 ) :
( وَأَمَّا صَلَاةُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ: فَهَذِهِ رَوَى فِيهَا مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْوِتْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَهُوَ جَالِسٌ}.
وَرُوِيَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ الصَّحِيحَةِ: {أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ إذَا أَوْتَرَ بِتِسْعٍ} فَإِنَّهُ كَانَ يُوتِرُ بِإِحْدَى عَشْرَةَ، ثُمَّ كَانَ يُوتِرُ بِتِسْعٍ، وَيُصَلِّي بَعْدَ الْوِتْرِ رَكْعَتَيْنِ.
وَهُوَ جَالِسٌ.
وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ مَا سَمِعُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ ؛ وَلِهَذَا يُنْكِرُونَ هَذِهِ.
وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُ سَمِعُوا هَذَا وَعَرَفُوا صِحَّتَهُ.
وَرَخَّصَ أَحْمَدُ أَنْ تُصَلَّى هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ، وَهُوَ جَالِسٌ، كَمَا فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَيْسَتْ وَاجِبَةً بِالِاتِّفَاقِ، وَلَا يُذَمُّ مَنْ تَرَكَهَا، وَلَا تُسَمَّى"زَحَّافَةً"فَلَيْسَ لِأَحَدٍ إلْزَامُ النَّاسِ بِهَا، وَلَا الْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ فَعَلَهَا.
وَلَكِنَّ الَّذِي يُنْكَرُ مَا يَفْعَلُهُ طَائِفَةٌ مِنْ سَجْدَتَيْنِ مُجَرَّدَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ، فَإِنَّ هَذَا يَفْعَلُهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْمَنْسُوبِينَ إلَى الْعِلْمِ، وَالْعِبَادَةِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَمُسْتَنَدُهُمْ: {أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْوِتْرِ سَجْدَتَيْنِ} رَوَاهُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ، وَغَيْرُهُ.
فَظَنُّوا أَنَّ الْمُرَادَ سَجْدَتَانِ مُجَرَّدَتَانِ، وَغَلِطُوا.
فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ.
كَمَا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، فَإِنَّ السَّجْدَةَ يُرَادُ بِهَا الرَّكْعَةُ، كَقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: {حَفِظْت مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ} الْحَدِيثَ.
وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ رَكْعَتَانِ، كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الطُّرُقِ الصَّحِيحَةِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {مَنْ أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ الْفَجْرِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَدْرَكَ الْفَجْرَ} أَرَادَ بِهِ رَكْعَةً.
كَمَا جَاءَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ.
وَظَنَّ بَعْضٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا سَجْدَةٌ مُجَرَّدَةٌ، وَهُوَ غَلَطٌ.
فَإِنَّ تَعْلِيقَ الْإِدْرَاكِ بِسَجْدَةٍ مُجَرَّدَةٍ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ ؛ بَلْ لَهُمْ فِيمَا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
أَصَحُّهَا: أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ وَلَا الْجَمَاعَةِ إلَّا بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ، لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْجَمَاعَةِ بِتَكْبِيرَةٍ.
وَقَدْ اسْتَفَاضَ عَنْ الصَّحَابَةِ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ صَلَّى أَرْبَعًا.
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ}.
وَعَلَى هَذَا إذَا أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ خَلْفَ الْمُقِيمِ رَكْعَةً: فَهَلْ يُتِمُّ، أَوْ يَقْصُرُ؟ فِيهَا قَوْلَانِ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ لَفْظَ"السَّجْدَةِ"الْمُرَادُ بِهِ الرَّكْعَةُ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ يُعَبَّرُ عَنْهَا بِأَبْعَاضِهَا، فَتُسَمَّى قِيَامًا، وَقُعُودًا، وَرُكُوعًا، وَسُجُودًا وَتَسْبِيحًا وَقُرْآنًا.
وَأَنْكَرُ مِنْ هَذَا مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ أَنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ سَجْدَةً مُفْرَدَةً، فَإِنَّ هَذِهِ بِدْعَةٌ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ.
وَالْعِبَادَاتُ مَبْنَاهَا عَلَى الشَّرْعِ وَالِاتِّبَاعِ، لَا عَلَى الْهَوَى وَالِابْتِدَاعِ ؛ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ: أَنْ لَا نَعْبُدَ إلَّا اللَّهَ وَحْدَهُ، وَأَنْ نَعْبُدَهُ بِمَا شَرَعَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَعْبُدُهُ بِالْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ ) .

قال الإمام ابن القيم رحمه الله في ( زاد المعاد ) ( 1/ 332 ) :
( وقد ثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يصلي بعد الوتر ركعتين جالساً تارة، وتارة يقرأ فيهما جالساً، فإذا أراد أن يركع، قام فركع، وفي "صحيح مسلم" عن أبي سَلَمة قال: سألتُ عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: كان يُصلي ثلاثَ عشرة ركعةً، يُصلي ثمانَ ركعات، ثم يُوتِر، ثم يُصلي ركعتين وهو جالس، فإذا أراد أن يركع، قام فركع، ثم يُصلي ركعتين بين النداءِ والإِقامةِ مِن صلاة الصبح وفي "المسند" عن أم سلمة، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان يُصلي بعد الوتر ركعتين خفيفتين وهو جالس وقال الترمذي: روي نحوُ هذا عن عائشة، وأبي أمامة، وغيرِ واحدٍ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي "المسند" عن أبي أمامة، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان يُصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس، يقرأ فيهما ب{إِذَا زُلزِلَت} و{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}.
وروى الدارقطني نحوَه من حديث أنس رضي الله عنه.
وقد أشكل هذا على كثير من الناس، فظنوه معارضاً، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُم بِالْلَّيْلِ وِتْراً". وأنكر مالك رحمه الله هاتين الركعتين، وقال أحمد: لا أفعله ولا أمنعُ مَنْ فعله، قال: وأنكره مالك وقالت طائفة: إنما فعل هاتين الركعتين، ليبين جوازَ الصلاة بعد الوتر، وأن فعله لا يقطع التنفُّل، وحملوا قولُه: "اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُم بِالْلَّيْلِ وِتْراً " على الاستحباب، وصلاة الركعتين بعده على الجواز.
والصواب: أن يقال: إن هاتين الركعتين تجريان مجرى السنة، وتكميل الوتر، فإن الوترَ عبادة مستقلة، ولا سيما إن قيل بوجوبه، فتجري الركعتان بعده. مجرى سنة المغربِ مِن المغرب، فإنها وِتر النهار، والركعتان بعدها تكميل لها، فكذلك الركعتان بعد وتر الليل، والله أعلم ) .

المبحث الثالث
أمر النبي  بالركعتين بعد الوتر
عن ثوبان رضي الله عنه قال : " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال :" إن هذا السفر جهد و ثقل ، فإذا أوتر أحدكم فليركع ركعتين ، فإن استيقظ و إلا كانتا له " .
قال الإمام المحدث الألباني في ( الصحيحة ) رقم (1993 ) :
( أخرجه الدارمي ( 1 / 374 ) و ابن خزيمة في " صحيحه " ( 2 / 159 / 1103 ) و ابن حبان ( 683 ) من طرق عن ابن وهب حدثني معاوية بن صالح عن شريح بن عبيد عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن ثوبان قال : " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال : " فذكره ، و ليس عند الدارمي هذه الجملة المصرحة
بأنه صلى الله عليه وسلم قال الحديث في السفر ، و لذلك عقب على الحديث بقوله :
" و يقال : " هذا السفر " و أنا أقول : السهر " ! و بناء عليه وقع الحديث عنده بلفظ : " هذا السهر " . و يرده أمران :
الأول : ما ذكرته من مناسبة ورود الحديث في السفر .
و الآخر : أن ابن وهب قد تابعه عبد الله بن صالح حدثنا معاوية بن صالح به مناسبة و لفظا . أخرجه الدارقطني ( ص 177 ) و الطبراني في " الكبير " ( 1410 ) .
و عبد الله بن صالح من شيوخ البخاري ، فهو حجة عند المتابعة . فدل ذلك كله على أن المحفوظ في الحديث " السفر " و ليس " السهر " كما قال الدارمي ... ) .

المبحث الرابع
أقوال العلماء في أمر النبي  بالركعتين بعد الوتر
قال الإمام الحافظ ابن خزيمة رحمه الله تعالى في ( صحيحه ) :
( " باب ذكر الدليل على أن الصلاة بعد الوتر مباحة لجميع من يريد الصلاة بعده ، و أن الركعتين اللتين كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما بعد الوتر لم يكونا خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم دون أمته ؛ إذ النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالركعتين بعد الوتر أمر ندب وفضيلة لا أمر إيجاب وفريضة" .
وقال تلميذه الإمام الحافظ ابن حبان رحمه الله تعالى في ( صحيحه ) :
( ذكر الأمر بركعتين بعد الوتر لمن خاف أن لا يستيقظ للتهجد وهو مسافر ) .
قال الإمام الفقيه الألباني رحمه الله تعالى في ( الصحيحة ) ( 1994 ) :
( و الحديث استدل به الإمام ابن خزيمة على " أن الصلاة بعد الوتر مباح لجميع من يريد الصلاة بعده ، و أن الركعتين اللتين كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما بعد الوتر لم يكونا خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم دون أمته ، إذا النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالركعتبن بعد الوتر أمر ندب و فضيلة ، لا أمر إيجاب و فريضة " .
و هذه فائدة هامة ، استفدناها من هذا الحديث ، و قد كنا من قبل مترددين في التوفيق بين صلاته صلى الله عليه وسلم الركعتين و بين قوله :
" اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا " ، و قلنا في التعليق على " صفة الصلاة " ( ص 123 - السادسة ) :
" و الأحوط تركهما اتباعا للأمر . و الله أعلم " و قد تبين لنا الآن من هذا الحديث أن الركعتين بعد الوتر ليستا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم ، لأمره صلى الله عليه وسلم بهما أمته أمرا عاما ، فكأن المقصود بالأمر بجعل آخر صلاة الليل وترا ، أن لا يهمل الإيتار بركعة ، فلا ينافيه صلاة ركعتين بعدهما ، كما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم و أمره . و الله أعلم ) .
وقال في ( قيام رمضان ) ( ص 33 ) :
( الركعتان بعده :
19- وله أن يصلي ركعتين ، لثبوتهما عن النبي ( فعلاً ( ) بل إنه أمر بهما أمته فقال : ( إن هذا السفر جهد وثقل ، فإذا أوتر أحدكم ، فليركع ركعتين ، فإن استيقظ وإلا كانتا له ( ( ) .
20- والسنة أن يقرأ فيهما : (إذا زلزلت الأرض( و : (قل يا أيها الكافرون( ( ) ) .
قال الحافظ أبو عوانة في ( مستخرجه ) ( 2/ 59 ) :
" بيان الإباحة للمصلي بالليل إذا أوتر أن يصلي بعد الوتر ركعتين سوى الركعتين قبل الفجر من رواية عائشة وبيان الخبر المعارض له من أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل آخر صلاته وترا وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي تطوعا قبل الصلاة وبعد في بيته " .

المبحث الخامس
صلاة بعض الصحابة رضي الله عنهم للركعتين بعد الوتر
أخرج ابن أبي شيبة في ( المصنف ) ( 2 / 283 ) فقال :
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَاءِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : رَأَيْتُهُ يَسْجُدُ بَعْدَ وَتْرِهِ سَجْدَتَيْنِ .
قلت : إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات أثبات .
والمقصود بالسجدتين هنا ركعتين .
قال شيخ الإسلام في ( الفتاوى الكبرى ) ( 2/ 241 ) :
( وَلَكِنَّ الَّذِي يُنْكَرُ مَا يَفْعَلُهُ طَائِفَةٌ مِنْ سَجْدَتَيْنِ مُجَرَّدَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ، فَإِنَّ هَذَا يَفْعَلُهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْمَنْسُوبِينَ إلَى الْعِلْمِ، وَالْعِبَادَةِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَمُسْتَنَدُهُمْ: {أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْوِتْرِ سَجْدَتَيْنِ} رَوَاهُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ، وَغَيْرُهُ.
فَظَنُّوا أَنَّ الْمُرَادَ سَجْدَتَانِ مُجَرَّدَتَانِ، وَغَلِطُوا.
فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ.
كَمَا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، فَإِنَّ السَّجْدَةَ يُرَادُ بِهَا الرَّكْعَةُ، كَقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: {حَفِظْت مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ} الْحَدِيثَ.
وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ رَكْعَتَانِ، كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الطُّرُقِ الصَّحِيحَةِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {مَنْ أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ الْفَجْرِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَدْرَكَ الْفَجْرَ} أَرَادَ بِهِ رَكْعَةً.
كَمَا جَاءَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ.
وَظَنَّ بَعْضٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا سَجْدَةٌ مُجَرَّدَةٌ، وَهُوَ غَلَطٌ.
فَإِنَّ تَعْلِيقَ الْإِدْرَاكِ بِسَجْدَةٍ مُجَرَّدَةٍ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ ؛ بَلْ لَهُمْ فِيمَا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
أَصَحُّهَا: أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ وَلَا الْجَمَاعَةِ إلَّا بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ، لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْجَمَاعَةِ بِتَكْبِيرَةٍ.
وَقَدْ اسْتَفَاضَ عَنْ الصَّحَابَةِ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الْجُمُعَةِ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ صَلَّى أَرْبَعًا.
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ}.
وَعَلَى هَذَا إذَا أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ خَلْفَ الْمُقِيمِ رَكْعَةً: فَهَلْ يُتِمُّ، أَوْ يَقْصُرُ؟ فِيهَا قَوْلَانِ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ لَفْظَ"السَّجْدَةِ"الْمُرَادُ بِهِ الرَّكْعَةُ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ يُعَبَّرُ عَنْهَا بِأَبْعَاضِهَا، فَتُسَمَّى قِيَامًا، وَقُعُودًا، وَرُكُوعًا، وَسُجُودًا وَتَسْبِيحًا وَقُرْآنًا.
وَأَنْكَرُ مِنْ هَذَا مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ أَنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ سَجْدَةً مُفْرَدَةً، فَإِنَّ هَذِهِ بِدْعَةٌ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ.
وَالْعِبَادَاتُ مَبْنَاهَا عَلَى الشَّرْعِ وَالِاتِّبَاعِ، لَا عَلَى الْهَوَى وَالِابْتِدَاعِ ؛ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ: أَنْ لَا نَعْبُدَ إلَّا اللَّهَ وَحْدَهُ، وَأَنْ نَعْبُدَهُ بِمَا شَرَعَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَعْبُدُهُ بِالْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ ) .

ويدل على ذلك أيضاً ؛ ما أخرجه ابن أبي شيبة في ( المصنف ) ( 2/ 283 ) : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : إِنَ اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ تُصَلِّي صَلاَةً إِلاَّ سَجَدْتَ بَعْدَهَا سَجْدَتَيْنِ ، فَافْعَلْ .
قلت : هذا إسناد صحيح .


المبحث السادس
فتاوى بعض الصحابة رضي الله عنهم على صلاة الركعتين بعد الوتر
وأخرج ابن أبي شيبة في ( المصنف ) رقم ( 6802 ) :
حَدَّثَنَا حَفْصٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : مَنْ أَوْتَرَ أَوَّلَ اللَّيْلِ ثُمَّ قَامَ ، فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ.
قلت : هذا إسناد صحيح .

المبحث السابع
صلاة بعض التابعين رضي الله عنهم للركعتين بعد الوتر
أخرج ابن أبي شيبة في ( المصنف ) ( 2 / 283 ) :
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ ؛ أَنَّهُ كَانَ لاَ يُصَلِّي بَعْدَ الْوِتْرِ ، إِلاَّ رَكْعَتَيْنِ .
قلت : هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات أثبات .
وأخرج ابن أبي شيبة في ( المصنف ) ( 1 / 171 ) :
حَدَّثَنَا جَرِيرٍ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ إبْرَاهِيمَ عَنِ السِّوَاكِ ؟ فَقَالَ : وَمَنْ يُطِيقُ السِّوَاكَ ؟ كَانُوا يَسْتَاكُونَ بَعْدَ الْوِتْرِ قَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ .
قلت : هذا إسناد صحيح .
وأخرجه إسحاق بن راهويه في ( مسنده ) ( 5 / 270 ) :
أخبرنا جرير عن المغيرة عن زياد بن كليب أبي معشر عن إبراهيم قال كانوا يستحبون السواك بعد الوتر قبل الركعتين . وقد قال المغيرة عن مولى للحسن عن أبي عبيدة بن عبد الله أنه كان يستاك بعد الوتر قبل الركعتين .

قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في ( فتح الباري ) ( 6/263 ) :
( واختلف العلماء في الركعتين بعد الوتر ؟
فمنهم من استحبها وأمر بها ، ومنهم : كثير بن ضمرة وخالد بن معدان .
وفعلها الحسن جالساً ) .
لم أقف على إسناده .

المبحث الثامن
أقوال بعض العلماء بسنية الركعتين بعد الوتر
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في ( زاد المعاد ) ( 1/ 332 ) :
( والصواب: أن يقال: إن هاتين الركعتين تجريان مجرى السنة، وتكميل الوتر، فإن الوترَ عبادة مستقلة، ولا سيما إن قيل بوجوبه، فتجري الركعتان بعده. مجرى سنة المغربِ مِن المغرب، فإنها وِتر النهار، والركعتان بعدها تكميل لها، فكذلك الركعتان بعد وتر الليل، والله أعلم ) .
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في ( فتح الباري ) ( 6/263 ) :
( واختلف العلماء في الركعتين بعد الوتر ؟
فمنهم من استحبها وأمر بها ، ومنهم : كثير بن ضمرة وخالد بن معدان ... ومن أصحابنا من قال : هي من السنن الرواتب .
وفي حديث سعد بن هشام ما يدل على مواظبة النبي ( عليهما .
ومن هؤلاء من قال : الركعتان بعد الوتر سنة له ، كسنة المغرب بعدها ، ولم يخرج بذلك المغرب عن أن يكون وتراً لها... ) .
وقال ابن مفلح في ( المبدع ) ( 2/ 19 ) :
( تسن المحافظة على أربع قبل الظهر وأربع بعدها وأربع قبل العصر وأبع بعد المغرب ؛ وقال المؤلف : ست وأربع بعد السنن قال في المستوعب التنقل بين المغرب والعشاء مرغب فيه وهو التهجد ويجوز فعل ركعتين بعد الوتر جالسا ولا يستحب في قول الأكثر وعدها الآمدي من السنن الرواتب ، قال في الرعاية وهو غريب ) .
وقال المرداوي في ( الإنصاف ) ( 2/ 128 ) :
( وأما الركعتان بعد الوتر جالسا فقيل هما سنة قدمه ابن تميم وصاحب الفائق وهو من المفردات وعدهما الآمدي من السنن الرواتب قال في الرعاية: وهو غريب . قال المجد في شرحه: عدهما بعض الأصحاب من السنن الرواتب ، والصحيح من المذهب أنهما ليستا بسنة ولا يكره فعلهما نص عليه اختاره المصنف وقدمه في الفروع والرعاية وحواشي ابن مفلح وقال قدمه غير واحد وهو ظاهر كلامه وإليه ميل المجد في شرحه ، وقال في الهدى: هما سنة الوتر ) .
قال الفقيه الألباني في ( قيام رمضان ) ( ص 33 ) :
( الركعتان بعده :
19- وله أن يصلي ركعتين ، لثبوتهما عن النبي ( فعلاً بل إنه أمر بهما أمته فقال : ( إن هذا السفر جهد وثقل ، فإذا أوتر أحدكم ، فليركع ركعتين ، فإن استيقظ وإلا كانتا له ) .
20- والسنة أن يقرأ فيهما : (إذا زلزلت الأرض( و : (قل يا أيها الكافرون ) .


المبحث التاسع

شبهات والجواب عنها

أولاً : دعوى أن الركعتين بعد الوتر خاصة بالنبي 
ذهب الإمام الشوكاني في ( نيل الأوطار ) إلى أن هاتين الركعتين خاصة بالنبي  !!
قلت : وينقض هذه الدعوى عدة أمور :
أولاً : أمر النبي  أمته بهاتين الركعتين أمر استحباب ؛ قال الإمام الحافظ ابن خزيمة في ( صحيحه ) :
" باب ذكر الدليل على أن الصلاة بعد الوتر مباحة لجميع من يريد الصلاة بعده ، و أن الركعتين اللتين كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما بعد الوتر لم يكونا خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم دون أمته ؛ إذ النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالركعتين بعد الوتر أمر ندب وفضيلة لا أمر إيجاب وفريضة" .
ثانياً : ذهب جمهور العلماء على أن صلاة النبي  للركعتين بعد الوتر دليل على جواز الصلاة بعد الوتر .
ثالثاً : صلاة حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما لها ، وكذا صلاة بعض التابعين رحمهم الله لها .

ثانياً : دعوى أنها لا تشرع لقوله  : ( اجعلوا آخر صلاتكم وترا ) .
قلت : وينقض هذه الدعوى عدة أمور أيضاً :
أولاً : فهم الجمهور من الحديث التخير ، ولم يفهموا منه الوجوب .
قال الإمام ابن المنذر في ( الأوسط ) ( 5/ 201 ) :
( وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوِتْرِ فَكَانَ قَيْسُ بْنُ عَبَّادٍ يَقُولُ: " أَقْرَأُ وَأَنَا جَالِسٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ بَعْدَمَا أُوتِرُ "، وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا يَعْرِفُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: " إِنْ شَاءَ رَكْعَةً "، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: " أَرْجُو إِنْ فَعَلَهُ إِنْسَانٌ لَا يُضَيَّقُ عَلَيْهِ "، وَقَالَ أَحْمَدُ: " لَا أَفْعَلُهُ " . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصَّلَاةُ فِي كُلِّ وَقْتٍ جَائِزَةٌ إِلَّا وَقْتًا نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَالْأَوْقَاتُ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَوَقْتُ الزَّوَالِ، وَوَقْتُ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَالصَّلَاةُ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ طَلْقٌ مُبَاحٌ، لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ فِيهَا إِلَّا بِحُجَّةٍ، وَلَا حُجَّةَ مَعَ مَنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْوِتْرِ، فَدَلَّ فِعْلُهُ هَذَا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: " اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ وِتْرًا " عَلَى الِاخْتِيَارِ لَا عَلَى الْإِيجَابِ، فَنَحْنُ نَسْتَحِبُّ أَنْ يَجْعَلَ الْمَرْءُ آخِرَ صَلَاتِهِ وِتْرًا، وَلَا نَكْرَهُ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْوِتْرِ، وَقَائِلُ هَذَا قَائِلٌ بِالْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا ) .
ثانياً : صلاة النبي  للركعتين بعد الوتر يدل أيضاً أن المراد من الحديث التخير .
ثالثاً : صلاة ابن عباس وبعض التابعين لها يدل أيضاً على عدم الوجوب.
قال الإمام الفقيه الألباني رحمه الله تعالى في ( الصحيحة ) ( 1994 ) :
( و هذه فائدة هامة ، استفدناها من هذا الحديث ، و قد كنا من قبل مترددين في التوفيق بين صلاته صلى الله عليه وسلم الركعتين و بين قوله :
" اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا " ، و قلنا في التعليق على " صفة الصلاة " ( ص 123 - السادسة ) :
" و الأحوط تركهما اتباعا للأمر . و الله أعلم " و قد تبين لنا الآن من هذا الحديث أن الركعتين بعد الوتر ليستا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم ، لأمره صلى الله عليه وسلم بهما أمته أمرا عاما ، فكأن المقصود بالأمر بجعل آخر صلاة الليل وترا ، أن لا يهمل الإيتار بركعة ، فلا ينافيه صلاة ركعتين بعدهما ، كما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم و أمره . و الله أعلم ) .


هذا آخر ما وفقني الله تعالى لجمعه ؛ فالله أسأل أن ينفعني به يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى بقلب سليم .
وكتب :
طاهر بن نجم الدين بن نصر بن صالح المحسي .


 الموضوع   الأصلي : كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر   المصدر : منتدى رحيق الفردوس

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عيون
عضو مميز
عضو مميز
عيون

عدد المساهمات : 3334
تاريخ التسجيل : 04/07/2011

 كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر     كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر  I_icon_minitimeالأربعاء أغسطس 10, 2011 11:27 am

الله يبارك في حضرتك يا استاذة

اشكرك وربنا يبارك فيكي هذا المجهود


جعله الله في ميزان حسناتك


لكي مني كل الشكر والتقدير


تقبلي مروري


 الموضوع   الأصلي : كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر   المصدر : منتدى رحيق الفردوس

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
لوجين

لوجين

عدد المساهمات : 74
تاريخ التسجيل : 30/07/2011

 كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر     كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر  I_icon_minitimeالخميس أغسطس 11, 2011 12:30 am

يوركتى اختى الرحمه

وجزاكى الله الفردوس الاعلى

تقبلى خالص احترامى وتحياتى

لوجين


 الموضوع   الأصلي : كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر   المصدر : منتدى رحيق الفردوس

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشق الوادى

عاشق الوادى

عدد المساهمات : 45
تاريخ التسجيل : 06/07/2011

 كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر     كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر  I_icon_minitimeالخميس أغسطس 11, 2011 4:34 am

اخيتى الغاليه الرحمه تسلمين اخيتى على طرحك

العطر وعلى مجهودك الطيب

اسأل الله ان يجعله فى ميزان حسناتك

ولا حرمنا الرحمن من قلمك وطرحك الصادق بحق

حفظك ربى ورعاكى


 الموضوع   الأصلي : كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر   المصدر : منتدى رحيق الفردوس

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الباكى

الباكى

عدد المساهمات : 28
تاريخ التسجيل : 31/07/2011

 كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر     كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر  I_icon_minitimeالخميس أغسطس 11, 2011 9:06 am

جزاكى الله خيرا

الرحمه على الافادة القيمة

جعلها الله فى ميزان حسناتك


 الموضوع   الأصلي : كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر   المصدر : منتدى رحيق الفردوس

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الموحد بالله

الموحد بالله

عدد المساهمات : 207
تاريخ التسجيل : 13/08/2011

 كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر     كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر  I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 16, 2011 11:41 am

جزاكم الله خيرا

على الافادة الحسنة

جعله الله فى ميزان حسناتكم

و تقبل الله منا و منكم صالح الاعمال


 الموضوع   الأصلي : كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر   المصدر : منتدى رحيق الفردوس

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

كشف الستر عن سنية الركعتين بعد الوتر

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

 مواضيع مماثلة

-
» مفهوم الستر من حجاب المرأة المسلمة
»  ترك الوتر مع الإمام ليصليه آخر الليل اجاب عليها فضيلة الشيخ د. عبد الله الجبرين رحمه
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الرحمة منك يارحيم :: منتدى الرحمة منك يارحيم :: -

©phpBB | الحصول على منتدى مجاني | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع