مسافر على الضفاف
تسللت زفرات من نسيم العصر عبر النافذة الزجاجية للسيارة المسرعة
الهاربة من زحام الجسر الملكى العتيق الذى يربط شرق البلاد وغربها
وصولا الى الجمهورية القديمة فتحت النافذة قليلاً أعب من نسيم الأصيل
المعطر بالمزروعات الخضراء على ضفاف النهر الخالد
يرسم بخيوطه الرفيعة صورتك الوقورة وقار أمواجه
بوجهك الباسم الصافى صفاء مياهه وقلبك الأخضر
لون مزروعاته وشكلك الخمرى خمرة أقماحه يطل جليا
من وراء قرص الشمس الذهبى المشرئب بحمرة الغروب
فيعلو ويأفل يتسابقان على استحياء أمرا جلل تحملك مياه النهر وتدنيك
فيباعدك قرص الشمس وسيارتى وأنت كما انت
لم تأفل ابتسامتك الصافية ونظراتك العميقة الحانية
تلف الكون الفسيح كأنما ترصد النهار قبل المغيب .
يرتفع قرص الشمس فأختلس القرب منك
وأنا أغبط الشمس التى تعانقك وصفحة النيل التى تحملك .
رحت أمد يدى وابسط ذراعى أضمك واتحسس وجهك
لكن يدى قصيرة لاتكاد تجاوز النافذة واصابعى مجذوذة
لم تعد تلمس الأشياء الجميلة وانت لاتبرح مكانك العلوى
أو تنفك عن قرص الشمس الذى يعانقك وتعانقه
ربما لاتدرى انها شمس الغروب ولا تأبه بصوتى الذى لم يجاوز ترقوتى
وسيارتى تأبى ان تتوقف .تبطئ وتسرع لكنها لاتتوقف ..
وقبل أن ينتهى المطرب الشامى بصوته الرخيم وقد فجر ينابيع الحنين
واضرم لهيب الشوق في خاطرى وفى قلبى مرت سويعة الغروب
مسرعة سرعة سيارتى لتغيب الشمس في مياه النيل
وتنحسر أشعتها عن مزروعات الضفاف التى اكتست باللون الرمادى القاتم..
ASHRAF HASSAN بقلمى