الحر من راعى وداد لحظة:
من الأزواج من لا يكتفي بالتسريح الجميل إذا لم يتوافق مع زوجته، فإذا افترقا بالطلاق يسرف في ذمها وذكر مساوئها والافتراء عليها، وإشاعة أخبارها السيئة وغيبتها، وربما رماها بما هي منه براء، ونفَّر منها من أراد الزواج بها، وذمها عند أولادها منه، وحثهم على عقوقها وهجرها، وهذا من الظلم والعدوان.
ذلك أن الشارع سبحانه وتعالى أمر الزوج إذا فارق زوجته أن يسرحها سراحًا جميلاً وأن يسرحها بإحسان فيستر ما وقف عليه من عيوب زوجته ويمسك عما لا يجوز ذكره، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: 'لا ضرر ولا ضرار' [رواه مالك في الموطأ].
ـ ومن الخطأ العظيم ذم الزوجة أمام أولادها وحثهم على عقوقها وهجرها، وهذا أمر منكر، ونهي عن المعروف، فماذا يرجى من الأولاد إذا هم عقوا أمهم وهي أولى الناس ببرهم؟
فإن العقوق سينال هذا الأب من باب أولى.
فالواجب على الزوج إذا فارق زوجته أن يمسك لسانه عن الوقيعة بها، وأن يحث أولادها ـ إن كان لها أولاد منه ـ على برها وصلتها.
وهذا من المروءة والتدمم 'الرحم التي بينهما' وحسن الوفاء.
ـ وما يقال للزوج يقال للزوجة أيضًا فإن كرام الناس وأهل الوفاء يحفظون الود ولا ينسون الإحساس مهاما تقادم عليه الزمان، حتى وإن افترقا، والحر من راعي وداد لحظة.
ـ وهذه الزوجة التي طلقتها أيها الزوج لا شك كان لك معها ـ رغم كل عيوبها ـ لحظات وداد وصفاء، وكان لك معها أيام وذكريات، فلا تجعل الحقد يعمي عينيك عن رؤية الحق، كن شريفًا، وتخلق بأخلاق الكرماء، ولا تنسَ ما كان بينكما من فضل كما أمرك الله تعالى في قوله: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة:237].
وأخيرًا نقول للزوج:
لا تظلم زوجتك المطلقة وأعطها حقوقها كاملة، وما تم الاتفاق عليه ولا تراوغ وتحاول أن تأكل حقها، ولتخرج من حياتها بالمعروف وأعلم أن الله مطلع عليك {إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة:110].
اختكم بنت الجبل
الموضوع الأصلي : الحر من راعى وداد لحظة المصدر : منتدى رحيق الفردوس