صوت العرب
تسأل
ومحدث الشام الشيخ
محمد ناصر الدين
الألباني
يجيب
بسم الله الرحمن الرحيم
إن
الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات
أعمالنا ، ومن يهده الله فلا مضل له ، ومن يضل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله .
أما بعد ، فقد دعت وزارة أوقاف
الإقليم الجنوبي في الجمهورية العربية المتحدة الأستاذ محمد ناصر الدين الألباني
للمشاركة في مباحث لجنة الحديث بالقاهرة .
ولما عاد فضيلته إلى دمشق ، سأله
مندوب جريدة ( صوت العرب ) عدة أسئلة تتعلق بمهمة لجنة الحديث ، وبحياة الشيخ
العلمية ، فأجاب عنها فضيلته ، وقد نشرت ( صوت العرب ) الأسئلة والأجوبة في العدد(
1849 ) المؤرخ بـ 8 من ربيع الآخر سنة 1380 هـ الموافق 28 من أيلول سنة 1960 م
.
ونحن الذين عرفنا الشيخ ناصر الدين في مجالسه وندواته وكتبه ومقالاته مدافعا
عن السنة أشد الدفاع ، محبا لها عظيم الحب ، ساعيا إلى نشرها ما وسعه الجهد ، حربا
على خصومها ألهب الحرب ، كل ذلك في قوة عارضة وسلاسة بيان ، وتطبيق دقيق لما رسمه
علماء المصطلح رحمهم الله تعالى ، ولما قرره علماء أصول الفقه من القواعد الفقهية ،
المستخرجة من أدلة الكتاب والسنة ، نحن الذين عرفناه كذلك ننشر هذه الأسئلة
والأجوبة تنويرا للرأي العام ، وكشفا للحقيقة ، وتذكيرا بالسنة وعلومها وبعض كتبها
، وبيانا لبعض علم الشيخ ناصر الدين في خدمة السنة الحبيبة .
ولقد ذكرنا الشيخ _
جزاه الله خيرا ، بمعرفته للحديث وهمته العصامية العالية أعلام المشتغلين بالسنة
المطهرة ، الذين طالما انحنوا على كتب الحديث _ والناس نيام _ يضمونها إليهم
ويتفقهون فيها ، ويبينون الصحيح من الضعيف ، وينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال
المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، وألاعيب المبتدعين !! لا يبتغون من وراء ذلك إلا أداء
الأمانة ، والثواب من عند الله تبارك وتعالى .
والسنة اليوم في محنة ، فهي بين
جهل الناس بها ، وخصومة المستشرقين وأذنابهم لها ، غير أنها كما ثبتت في الأزمنة
الخوالي للأعاصير ، وسلمت من فتنة المتفلسفة والمعتزلة وتأويل الجهمية والمعطلة
ودسائس المشبهة ، فستثبت اليوم بإذن الله تبارك وتعالى وتنتصر ، ويتهيأ لها رجال
يؤثرونها على كل نفس ونفيس ، { كتب الله لأغلبن أنا ورسلي } ، { والله غالب على
أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون } .
وإن من مصائب هذا الزمن المليء بالفتن ، أن
طلع علينا ناس من جلدتنا ، ويتكلمون بلغتنا ، بإيقاظ بدعة نابية الملامح ، شوهاء
الوجه ، ألا وهي المنع من الأخذ بأحاديث الآحاد الصحيحة في العقيدة وأمور الغيب ،
أو على الأقل عدم إيحاب الأخذ بهذه الأحاديث فيها ! فكانوا كما قال الشاعر
:
كناطح صحرة يوما ليوهنها فلم يضرها وأهوى قرنه الوعل
ولم يكتف قوم حرموا
عقولهم بالوقوف في هذا المزلق الخطر ، بل أنكروا السنة جملة واحدة ، وسموا أنفسهم
قرآنيين _ وما أبعد القرآن عنهم ! _ وأنحوا باللائمة على أئمة الحديث !
أقلوا
عليهم لا أبا لأبيكم من اللوم أو سدوا المكن الذي سدوا
وإننا لننتهز هذه الفرصة
، فنذكر السادة العلماء _ والذكرى تنفع المؤمنين _ أن يضطلعوا بهذه المكرمة العظيمة
، والمأثرة الخالدة ، ويهتموا بالسنة : أسانيدها ومتونها ومخطوطاتها ومطبوعاتها ،
وليعتنوا بها ، ويقربوها للناس ، وينشروا بينهم هديها ، بما آتاهم الله تعالى من
علم ومعرفة وحكمة ، ويجعلوا الناس والعامة يألفون سماع ما ترتقي إليه مداركهم منها
، ويقربوهم رويدا رويدا من السنة ليأخذوا منها بحظ وافر ، وإذا فعل العلماء ذلك _
وإنهم لفاعلون إن شاء الله تعالى _ فعسى أن يسلكوا في عداد أهل الحديث .
أهل
الحديث هم أهل النبي وإن لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا
وليس شيء أبرد لقلب رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم وأثلج لصدره من انتشار السنة ، وانقماع البدعة
.
ونحن إذ نزجي هذه الذكرى لعلمائنا وقادة الرأي فينا ، نرجو أن تتجه قلوبهم إلى
خدمة السنة ونشرها ، فإن أحدا من المؤمنين لا يزهد في الأجر العظيم ، والثواب
الجزيل الذي كتبه الله لمن فعل ذلك ، وإن كل واحد من العلماء لا بد أن يرغب في أن
يكون ممن دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين قال : ( نضر الله امرءا سمع
منا حديثا فبلغه غيره .. ) الحديث .
هذا ظننا بعلمائنا ، وهذا هو أملنا ، ومن
أولى بهذا الظن وهذا الأمل الذي يداعب القلوب من أتباع محمد صلى الله عليه وآله
وسلم وأنصاره ومحبيه ؟
والعمل الطيب هو الذي يخلد ، وغيره يزول ولو ثبت إلى حين
، { فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله
الأمثال } .
فإلى السنة أيها المسلمون حتى يرضى الله عنكم ، وتقر عين نبينا محمد
صلى الله عليه وآله وسلم ، وتسخن عين خصومه وخصومنا ، علموها أهلكم وأبناءكم ،
وأحبوا من يحبها ، وعادوا من يعاديها ، وحكموها بينكم ، واجعلوها فيصل قضاياكم ، {
فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت
ويسلموا تسليما } .
23 من جمادى الآخرة سنة 1380 هـ عمر
العطار
مقدمة صوت العرب
في الجمهورية
العربية نهضة عظيمة تشمل سائر جوانب الحياة ، فهنالك نهضة سياسية ، ونهضة اجتماعية
، ونهضة صناعية ، وهنالك أيضا نهضة علمية مباركة لا تقف عند حدود الاهتمام بالعلوم
الحديثة ، بل إن هذه النهضة تشمل فيما تشمل بعث ثقافتنا الماضية الجليلة ، وخدمة
تراثنا الإسلامي الجليل الذي أحلنا مكان الصدارة بين الأمم ، وجعل لنا القيادة
الفكرية والتشريعية والإنسانية حقبة طويلة من الزمن .
ومن أهم مظاهر هذه النهضة
المباركة ما تقوم به وزارة الأوقاف في الأقليم الجنوبي ، فقد أنشأت مجلسا إسلاميا
من صفوة علماء الجمهورية ، وأصدرت مجلة راقية ، كما أصدرت سلسلة من الكتب المفيدة
.. ولعله من أجلّ ما قامت به تأليف لجنة للحديث من كبار علماء الجمهورية ، لتجمع
الصحيح من حديث الرسول _ وهو المصدر الثاني للإسلام بعد الكتاب الكريم _ وترتبه
وتشرحه الشرح الذي ييسر الاستفادة منه .
وقد اختار سيادة وزير لأوقاف في الإقليم
الجنوبي أحمد عبد الله طعيمة ، فضيلة العالم المحدث الشيخ ناصر الدين الألباني من
الإقليم الشمالي ليكون عضوا في لجنة الحديث ، ودعاه إلى القاهرة ضيفا على وزارة
الأوقاف ليشارك في مداولات اللجنة ، ويبدي رأيه فيما يعرض من الأبحاث ، وقد أحبت (
صوت العرب ) وهي الحريصة على تسجيل كل مظاهر النهضة أن تسجل هذا الجانب العلمي
الجليل منها ، فتقدمت بعدد من الأسئلة المهمة إلى فضيلة الأستاذ ناصر الدين
الألباني ، فأجاب عليها مشكورا ، وهذه هي الأسئلة والأجوبة .
الأسئلة
والأجوبة
1 _
ما هي المهمة التي سافرتم من أجلها إلى
القاهرة ؟
ج _ كان قد صدر قرار وزاري من قبل سيادة وزير الأوقاف أحمد عبد
الله طعيمة بانتخابي عضوا في " لجنة الحديث " ، وتفضل سيادته فدعاني لزيارة القاهرة
كي يتسنى لي لقاء أعضاء اللجنة والتفاهم معهم فيما هم بصدده .
غاية اللجنة2 _ ما هي الغاية من تأليف لجنة الحديث
؟
ج _ هي كما جاء في المادة الثانية من القرار المشار إليه : جمع الأحاديث
الصحيحة ، وتبويبها وشرحها شرحا موجزا .
3 _ ما هي البحوث التي جرت في اجتماعات
اللجنة ؟
ج _ لم يعقد في أثناء وجودي في القاهرة إلا اجتماعان ، جرى البحث فيهما
حول المنهج الذي ينبغي جمع الأحاديث الصحيحة على أساسه ، وبعد تداول الرأي في ذلك ،
اتفق على الاعتماد على ما ذكره العلماء النقاد من تصحيح وتضعيف ، كالإمام النووي
والزيلعي والعسقلاني في كتبهم ، وخاصة كتب التخريج منها .
وأما الأحاديث التي
سكت عنها أبو داود والمنذري وكذلك التي صححها الترمذي ، فيعتمد عليهم فيها ، إلا
إذا عارضهم في تصحيحها أحد من العلماء النقاد المذكورين .
بعض قرارات
اللجنة
4 _ وما هي القرارات التي اتخذت ؟
ج _ أولا : أن يكون عمل اللجنة
جمع مختارات من الأحاديث الواضحة العبارة لتدل على تعاليم الإسلام في كل موضوع من
الموضوعات .
ثانيا : الحديث إن كان في الصحيحين أو في أحدهما اكتفي به من جهة
الحكم بالصحية ، وإن كان في جامع الترمذي اكتفي بحكم الترمذي عليه ما لم يوجد ما
يعارضه من أقوال الحفاظ ، وإن كان في سنن أبي داود وسكت عنه هو والمنذري ولم يعارض
بأقوال الحافظ ؛ اكتفي به ، وأحاديث النسائي في المجتبى يعتمد عليها ما لم يتعقبها
هو أو حافظ آخر ، وأحاديث ابن ماجه يحتاج فيما انفرد به منها إلى مراجعة تلخيص
السندي لزوائد البوصيري ، ما لم يعارض بأقوال الحفاظ أيضا .
ثالثا : إذا لم يوجد
في الباب إلا الحديث الضعيف ، ذكر مع بيان ضعفه .
رابعا : إذا وجد في الباب
أحاديث نص الحفاظ على تحسينها ، ولم توجد في الكتب الستة ؛ تؤخذ مع بيان مصدرها
.
خامسا : يرجع عند الجمع إلى الكتب الآتية لمعرفة درجة الحديث : " تلخيص الحبير
" لابن حجر العسقلاني ، " نصب الراية " للحافظ الزيلعي ، " تخريج أحاديث الإحياء "
للعراقي ، " شرح الإحياء " للزبيدي ، " تخريج أحاديث الكشاف " لابن حجر ، " المجموع
" للنووي ، " نيل الأوطار " للإمام الشوكاني ، " فتح الباري " و " الدراية "
وكلاهما لابن حجر ، والأخير هو مختصر " نصب الراية " ، " تخريج أحاديث الشفاء "
للسيوطي ، وما يتيسر من المراجع .
سادسا : إذا تراءى لبعض اللجان الفرعية رأي في
تخريج الحديث خلاف ما نص عليه بعض الحفاظ ، فإنه يُدون هذا الرأي منسوبا إلى قائله
، ثم يعرض على لجنة التنسيق بحضور صاحب الرأي ، لقبوله أو رفضه حسب قواعد علم
الحديث .
سابعا : إذا وجد حديث مناسب في غير بابه الخاص به ، كأن يكون في باب
الاستئذان مثلا حديث له صلة واضحة بالصلاة أو الجهاد أو المناقب ، فإن اللجنة تدونه
في كراسة للانتفاع به في موضعه المناسب ، وإن ناسب البابين ذكر فيهما أو ذكر في
أحدهما ونبه عليه في الآخر .
ثامنا : إذا وجد حديث اختلف الحفاظ في درجته ، ذكرت
الأقوال المختلفة مع الاختصار والترجيح إن أمكن .
تاسعا : إذا تعارض حديثان وكل
منهما صحيح أو حسن ، أو أحدهما صحيح والأخر حسن ، أزيل التعارض بينهما في الشرح
بطريق من طرق الجمع .
عاشرا : الحديث يعزى بلفظه إلى من خرجه مع بيان موضعه في
الباب والكتاب ولو بالهامش .
التوصية بطبع كتاب
البوصيري5 _ هل قدمت اقتراحات من قبل اللجنة إلى وزارة الأوقاف
؟
ج _ نعم ، جاء في محضر اجتماع اللجنة الأول الذي حضرته ما نصه :
( أوصت
اللجنة بأن تقوم الوزارة بطبع كتاب زوائد البوصيري ، والنسخة المخطوطة منه موجودة
بمكتبة الأوقاف الإسلامية بحلب ) .
6 _ هل هي المرة الأولى التي تسافرون فيها
إلى القاهرة ؟
ج _ نعم .
نشاط وزارة الأوقاف في
توجيه الشعب إلى الإسلام الصحيح7 _ ما هي انطباعاتكم في هذه الرحلة
؟ وإلى من تعرفتم من العلماء ؟
ج _ لم يتيسر لي في المدة القصيرة التي قضيتها في
القاهرة وفي الاسكندرية الاتصال إلا بقليل من أهل العلم والفضل ، أذكر منهم على
سبيل المثال الكاتب الإسلامي الكبير الأستاذ محب الدين الخطيب ، والأستاذ محمد
الغزالي ، والشيخ عبد الرزاق عفيفي ، والشيخ عبد العزيز الراشد ، وبعض شيوخ اللجنة
الأفاضل الذين حصل لي شرف التعرف بهم في الجلستين المذكورتين ، ولقد وجدت منهم كل
ترحاب وتكريم وتقدير لأسلوبي الخاص في خدمة السنة المطهرة .
والشيء الذي لفت
نظري وأخذ بمجامع قلبي ، هو ذاك النشاط الذي لمسته في إدارة الثقافة في وزارة
الأوقاف بتوجيه مديرها فضيلة الشيخ السيد سابق ، ومن معه من الأساتذة الأفاضل ،
فلقد وجهوا عنايتهم إلى توجيه الشعب عن طريق الخطباء والمدرسين في المساجد ، وتعريف
الناس بالإسلام نقيا مما دخل فيه من العقائد الباطلة ، والبدع المشوهة لنضارته ،
ولهم في ذلك أنواع من الأساليب ، من ذلك أنهم افتتحوا مكتبات في كل مسجد ، وضعوا
فيها مختلف الكتب النافعة ، يستعين بها المصلون على تثقيف أنفسهم وتغذيتها بالعلم
الصحيح ، ومن ذلك أيضا أنهم يشرفون على طبع الكتب ، ويمنعون طبع ما كان منها منافيا
للإسلام إلا بعد مراجعته وحذف ما يلزم حذفه .
ولقد رأيت بعيني شيخا في الوزارة
تقدم إليه الكتب الإسلامية التي طبعت سابقا ، والتي يراد توزيعها على مكتبات
المساجد ليبدي رأيه فيها ، حتى إذا ما تبين فيها شيء ينافي الإسلام رُدَّ ولم تشتره
الوزارة ، ومن ذلك أنهم يوزعون منشورات دورية فيها توجيه رشيد للناس جميعا ، ولقد
وقفت على منشور واحد منها ، فيه تنظيم لحلقات الدروس الدينية في المساجد ، وما
ينبغي أن يقرأ المدرس من الكتب على الناس ، ففي التفسير تفسير الحافظ ابن كثير
الدمشقي ، وفي الحديث رياض الصالحين ، وفي الفقه كتاب فقه السنة للسيد سابق ، وفي
السيرة فقه السيرة للأستاذ الغزالي ، وقد طبع أخيرا مع تخريجي لأحاديثه ، ونور
اليقين في سيرة سيد المرسلين وإتمام الوفاء في تاريخ الخلفاء للخضري ، وفي العقائد
عقيدة المسلم للأستاذ الغزالي ، وجاء عقبه في النشرة ما نصه : ( ولا يجوز بتاتا عرض
مشكلات علم الكلام ، ولا المجادلات النظرية للفلسفات القديمة ) .
ومما جاء فيها
أيضا : ( ويستحسن في أثناء هذه الدراسات كلها نقد البدع والخرافات الشائعة ،
والتيارات الفكرية الدخيلة ) .
وفي النشرة فوائد أخرى مهمة ، وتوجيهات مباركة ،
كنت أود إطلاع الناس عليها في هذا الإقليم عسى أن يهتدوا بهديها ، ولكن ضيق المجال
لا يسمح بذلك فإلى مناسبة أخرى إن شاء الله .
ومن ذلك أيضا تأليف كتب نافعة
موجهة ، تقوم بطبعها الوزارة وتنشرها على الناس في رسائل متتابعة ، وقد وقفت منها
على الرسالة الرابعة ( منكرات المآتم والموالد ) ، وهي الرسالة الثانية من سلسلة
رسائل بعنوان : ( تقاليد يجب أن تزول ) .
ولهذه الوزارة مجلة شهرية باسم ( منبر
الإسلام ) صدر الجزء الأول ، والثاني منها في محرم وصفر من هذه السنة .
ومن
محاسن هذه الوزارة أنها خصصت فندقا للضيوف الوافدين إليها باسم (دار الضيافة
الإسلامية) ، ولما نزلتها وجدت فيها ضيفين كريمين من مسلمي كوريا الذين أسلموا
حديثا على أيدي الجنود الأتراك الذين كانوا في كوريا الجنوبية ، وذلك حين قامت
الحرب بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية ، وقد علمت من المترجم في هذه الدار أن
عدد الذين أسلموا من الكوريين نحو ستمائة شخص ، وقد أرسلوا من قبلهم الرجلين المشار
إليهما _ وأحدهما صحفي _ إلى القاهرة ، طلبا لمعونة الأوقاف في الإقليم الجنوبي
لإنشاء مسجد هناك ، وإرسال بعض الأساتذة والخطباء ، وقد وعدوا خيرا ، وقد سافرت من
القاهرة وهما لا يزالان في دار الضيافة على حساب الوزارة .
وقد كان إنشاء هذه
الدار فيما علمت في عهد وزير الأوقاف الحالي سيادة أحمد عبد الله طعيمة زاده الله
توفيقا لخدمة الإسلام والأمة .
دراسة المخطوطات في
مكتبتي القاهرة والاسكندريةوفي مدة إقامتي في القاهرة كنت أتردد _
كلما سنحت لي الفرصة _ إلى دار الكتب المصرية لدراسة مخطوطات كتب الحديث فيها ،
وكذلك فعلت حين سافرت منها إلى الاسكندرية ، فكنت أتردد إلى مكتبتها المعروفة
بالمكتبة البلدية ، وقد استفدت من المكتبتين فوائد هامة جمة ، ونسخت بيدي من
المكتبة الثانية رسالة للحافظ ابن حجر العسقلاني يحقق القول فيها في الأحاديث التي
استخرجها الحافظ القزويني من كتاب " مصابيح السنة " وحكم عليها بالوضع
.
الجمع بين المهنة وخدمة السنة8 _ علمت
أنكم مع جهودكم العلمية العظيمة في خدمة السنة تعملون في مهنة تصليح الساعات وبيعها
، فهل هذا صحيح ؟ وكيف توفقون بين العملين ؟
ج _ ذلك صحيح ، ومن توفيق الله
تعالى وفضله علي أن وجهني منذ أول شبابي إلى تعلم هذه المهنة ، ذلك لأنها حرة لا
تتعارض مع جهودي في علم السنة ، فقد أعطيت لها من وقتي كل يوم ما عدا الثلاثاء
والجمعة ثلاث ساعات زمنية فقط ، وهذا القدر يمكنني من الحصول على القوت الضروري لي
ولعيالي وأطفالي على طريقة الكفاف طبعا ، فإن من دعائه عليه الصلاة والسلام ( الله
اجعل رزق آل محمد قوتا ) رواه الشيخان ، وسائر الوقت أصرفه في سبيل طلب العلم
والتأليف ودراسة كتب الحديث ، وخاصة المخطوطات منها في المكتبة الظاهرية ، ولذلك
فإنني ألازم هذه المكتبة ملازمة الموظفين فيها لها ! ويتراوح ما أقضيه من الوقت
فيها ما بين ست ساعات وثمان ساعات يوميا ، على اختلاف النظام الصيفي والشتوي في
الدوام فيها .
جمع أحاديث المخطوطات في أكثر من أربعين
مجلداوإن من فضل الله علي أنه يسر لي الاطلاع على ما في المكتبة
الظاهرية من نفائس كتب الحديث المخطوطة القيمة ، ودراستها واستخراج ما فيها من
الأحاديث النبوية على اختلاف ألفاظها بطرقها وأسانيدها الكثيرة ، وقد جمعتها في
مجلدات جاوزت الأربعين مجلدا ، مرتبا لها على حروف المعجم ليسهل علي الرجوع إليها
واستخراج ما يلزمني منها عند الحاجة .
ومن هنا يظهر السر لمن وقف من الأفاضل على
بعض مؤلفاتي في مختلف الموضوعات العلمية ، حين يرى أن مؤلفا واحدا مثل " صفة صلاة
النبي صلى الله عيله وسلم " _ على لطافة حجمه _ تتجاوز مصادره المخطوطة العشرات من
الكتب التي لم يتيسر للأكثرين معرفة أسمائها فقط ، فضلا عن أن يطلعوا عليها ،
ويعرفوا ما فيها من الأحاديث والأسانيد والألفاظ والشواهد !
وكذلك يسر الله لي
وضع فهرس دقيق شامل لجميع ما في هذه المكتبة العامرة من كتب الحديث على اختلاف
أنواعها ، كالمسانيد والمعاجم والمختارات والفوائد والأجزاء والتراجم وغيرها ،
منبها فيه على كثير مما لم يذكر في فهارس المكتبة حتى الآن ، ونظمت هذا الفهرس على
أسماء المؤلفين ، مرتبا إياهم على حروف المعجم ، وفعلت مثل ذلك في مؤلفاتهم ،
فرتبتها على هذا النسق تحت اسم كل واحد منهم ، وترجمت لكل منهم ترجمة مختصرة جدا ،
فيها تاريخ الولادة والوفاة وكونه ثقة أو ضعيفا أو نحو ذلك ، ثم وضعت في آخره فهرسا
عاما لجميع الكتب مرتبا لها أيضا على حروف المعجم .
السفر إلى حلب كل شهر لدراسة مخطوطات مكتبتهاومن
عادتي منذ بضع سنين أن أسافر إلى حلب أسبوعا من كل شهر ، أقضيه أو أقضي غالبه في
مكتبتها الوحيدة العامرة بالمخطوطات ، وهي ( مكتبة الأوقاف الإسلامية ) ، أقضي فيها
ساعات من كل يوم في دراسة مخطوطاتها ، ونسخ ما هو ضروري منها لمشروعاتي العلمية ،
وكنت إلى ما قبل سفري إلى القاهرة قد نسخت منها النصف الأول من كتاب " الزوائد "
للبوصيري الذي ذكرته سابقا .
وعلاوة على هذا فإني أتدارس السنة وعلومها مع بعض
الراغبين في العلم فأقوم بإلقاء عدد من الدروس في كل أسبوع .
بعض المؤلفات المطبوعة9 _ ما هي المرلفات التي
أخرجتموها للناس ؟
ج _ هي :
الأول : صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من
التكبير إلى التسليم كأنك تراها .
الثاني : آداب الزفاف في السنة المطهرة
.
الثالث : حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها جابر رضي الله عنه
.
الرابع : خطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه
.
الخامس : حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة .
السادس : صلاة التراويح
.
السابع : صلاة العيدين في المصلى هي السنة .
الثامن : تحذير الساجد من
اتخاذ القبور مساجد .
التاسع : الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في
الأمة ( الجزء الأول ) وهو في عشرة أجزاء أو أكثر ، سنحاول نشرها تباعا إذا يسر
الله تبارك وتعالى ذلك .
العاشر : تخريج أحاديث فضائل الشام ودمشق .
ولدي
مؤلفات أخرى جاهزة للطبع ، وبعضها في طور الإعداد والتأليف .
مشروع تقريب السنة بين يدي الأمةوأهم المشروعات
العلمية عندي هو ما أسميته " تقريب السنة بين يدي الأمة " ، قصدت فيه جمع ما أمكن
من الأحاديث الصحيحة في كتاب واحد ، على طريقة المحدثين وقواعدهم العلمية في تمييز
الصحيح والضعيف ، أسأل الله عز وجل أن ييسر لنا تحقيق ذلك .
النصح للأمة10 _ بم تنصحون للأمة في الفترة الراهنة
من حياتها ؟
ج _ أنصح لها أن ترجع إلى التمسك بدينها وكتاب ربها وسنة نبيها
الصحيحة ، وأن تعمل بأحكامه في كل ميادين الحياة ، وأن تتحلى بفضائله وأخلاقه ، وأن
تعرض كل ما تتخذه دينا على كتاب الله وسنة رسوله ، فتستمسك بما وافقهما ، وتنبذ ما
خالفهما ، فإن الأمر كما قال الإمام العظيم مالك بن أنس إمام دار الهجرة :
" من
ابتدع في الإسلام بدعة رآها حسنة فقد زعم أن محمدا خان الرسالة ، اقرأ قول الله عز
وجل : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } ، ولا
يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها " .
=============================== نقلته من ملتقى طلاب
العلم
[/size]