الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأشهد أنَّ محمدا رسول الله،
وبعد،
فهاتان دُرَّتَان غاليتان من نصائح العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني ـ
رحمه الله ـ، يقدِّمهما لطلبة العلم المشتغلين بالحديث النبوي، سيَّما من
يكتب في مجال التصحيح والتضعيف، وقد كنت نقلتهما في بعض التعقبات، ثم ظهر
لي أن أنشرهما في موضوع مستقل لتعم الفائدة، ولمسيس الحاجة.
والله الموفق.
النصيحة الأولى:-
قال العلامة الألباني: في مقدمة "السلسلة الضعيفة" (4/8):
((أَنْصَحُ لِكُلِّ مَنْ يكتُبُ في مجال التَّصحيح والتَّضعيف أنْ
يَتَّئِدَ، ولا يسْتَعْجِلَ في إصْدَارِ أحكامه على الأحاديث؛ إلاَّ بعدَ
أنْ يَمْضِيَ عليه دَهْرٌ طويلٌ في دراسة هذا العلم؛ في أُصوله، وتَرَاجِم
رِجاله، ومعرِفَةِ عِلَلِه؛ حتَّى يَشْعُرَ مِنْ نفسِهِ أنَّه تمكَّنَ من
ذلك كُلِّهِ؛ نَظَراً وتطبيقاً، بحيْثُ يجَدُ أنَّ تحقيقَاتِهِ - ولو على
الغالب - توافِقُ تحقيقاتِ الحُفَّاظِ المبرِّزِين في هذا العلم؛ كالذهبي،
والزيلعي، والعسقلاني، وغيرهم.
أنصحُ بهذا لكل إخواننا المشتغلين بهذا العلم، حتَّى لا يقعوا في مخالفة قول الله تبارك وتعالى: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً).
ولكي لا يَصْدُقَ عليهم المثل المعروف: «تَزَبَّبَ قبلَ أنْ يَتَحَصْرَمَ»!
ولا يصيبُهُم ما جاء في بعضِ الحِكَمِ: «مَنِ استعجلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أوانِهِ؛ ابْتُليَ بِحِرْمَانِه».
ذاكراً مع هذا ما صح من قول بعض السلف: «ليس أحَدٌ بَعْدَ النبيِّ صلى الله
عليه وسلم؛ إلاَّ ويُؤخذُ من قوله وُيترك إلاَّ النبيَّ صلى الله عليه
وسلم»)).
- النصيحة الثانية
((ولهذا أنْصَحُ دائماً إخوانَنَا النَّاشئين في هذا العلم أنْ لا
يتسرَّعُوا بنشْرِ ما يُخَرِِّجُونَهُ أو يُحَقِّقُونَه، وإنمَّا يحتفظون
بذلك لأنْفُسِهِم إلى أنْ يَنْضُجُوا فيه.
والحقُّ والحقَّ أقولُ: إنَّ من فِتَنِ هذا الزَّمان حُبُّ الظُّهور،
وحَشْرُ النَّفْسِ في زُمْرَةِ المؤلِّفين، وخاصَّة في علم الحديث الذي
عرَفَ النَّاسُ قَدْرَهُ أخِيراً بعد أنْ أهمَلُوه قُروناً؛ ولكنَّهم لم
يَقْدُرُوه حَقَّ قَدْرِهِ، وتوهَّمُوا أنَّ المرءَ بمجُرَّد أنْ يُحْسِنَ
الرُّجُوعَ إلى بعض المصادر من مصادره والنَّقْلَ منها؛ صارَ بإمْكَانِه
أنْ يُعَلِّق وأنْ يُؤَلِّفَ!
نسألُ اللهَ السلامةَ من العُجْبِ والغُرُور!!)).
2- وقال أيضا في المصدر السابق (11/697):
الموضوع الأصلي : نصيحتان غاليتان من العلاَّمة الألباني لِمَنْ يكتُبُ في التَّصحيح والتَّضعيف المصدر : منتدى رحيق الفردوس