**بسم الله الرحمن الرحيم **
اطلعت على موضوع جمع كثيرا من الفوائد فيما يتعلق بالموطأ و منهج الإمام مالك رحمه الله فيه ، فنقلته عنا .
(( يعد الموطأ أول مؤلف ثابت النسبة من غير شك إلى مؤلفه, وهو الإمام مالك رحمه الله,
وهو يعد الأول في التأليف في الفقه والحديث معاً
فقد كان الناس يعتمدون على الذاكرة أكثر مما يعتمدون على الكتاب,
أما التدوين والتأليف الحق فقد ابتدأ بالموطأ, وقد كان عصر مالك يدعو إلى التأليف بسبب ظهور الفرق وأهل الأهواء والوضاعين.
وللموطأ مزايا منها:
•- أنه تأليف إمام فقيه محدّث مجتهد متبوع.
•- إطباق العلماء على الثناء عليه وتبجيله.
•- أنه من مؤلفات منتصف القرن الثاني الهجري, فهو سابق غير مسبوق بمثله.
محتوياته:
ما حواه الموطأ أقسام:
1- أحاديث مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد متصلة.
2- أحاديث مروية عن النبي ب صلى الله عليه وسلم أسانيد مرسلة.
3- أحاديث مروية بسند سقط منه راو.
4- أحاديث يبلغ في سندها إلى ذكر الصحابي, ولا يذكر فيها أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي الموقوفات.
5- البلاغات, وهي قول مالك: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:...
6- أقوال فقهاء التابعين.
7- ما استنبطه من الفقه المستند إلى العمل أو إلى القياس أو إلى قواعد الشريعة.
مراجع الفقرة: موسوعة شروح الموطأ عبد الله التركي (1/41-43), كشف المغطى في فضل الموطا للطاهر بن عاشور (29).
سبب تأليف الموطأ:
ذكر ابن خلدون في تاريخه (1/17-18) قال: حجَّ أبو جعفر المنصور ولقيه مالك بالمدينة فأكرمه وفاوضه, وكان فيما فاوضه : يا أبا عبد الله لم يبق على وجه الأرض أعلم مني و
منك, وقد شغلتني الخلافة, فضع أنت للناس كتابا ينتفعون به تجنّب فيه رُخص ابن عباس, وشدائد ابن عمر, ووطئه للناس توطئة. قال مالك : فلقد علمني التصنيف يومئذ.
تاريخ تأليف الموطأ:
ذكر عبد الفتاح أبو غدة في تقدمته لكتاب "التعليق الممجد على موطأ محمد" (1/16) قال: (( والمذكور أن مالكاً ألف الموطأ في سنين كثيرة ذُكر أنها أربعون, وذُكر أنها دون ذلك,
وعلى كل حال يُستبعد أن تكون مدة التأليف نحو سبع سنوات, لما عُرف من إتقان مالك وضبطه وانتقائه, وقلة تحديثه بالأحاديث في مجلسه... إلى أن قال: (( فتأليفه الموطأ بعد
سنة140 جزماً, أو بعد سنة147, وفراغه منه بعد سنة158 جزماً, والله تعالى أعلم )).
تسميته بالموطأ:
الموطأ في اللغة كما يقول ابن فارس: (( كلمةٌ تدلُّ على تمهيدِ شيءٍ وتسهيله)).
ويقول السيوطي: قال أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الكتاني الأصبهاني: قلت لأبي حاتم الرازي: موطأ مالك لم سمّي موطأ؟ فقال: شيء قد صنّفه ووطأه للناس حتى قيل: موطأ مالك كما
قيل: جامع سفيان.
وقال أبو الحسن بن فهر:... قال مالك: عرضت كتابي هذا على سبعين فقيهاً من فقهاء المدينة فكلهم واطأني عليه فسمّيته: الموطأ.
قال ابن فهر: لم يسبق مالكاً أحد إلى هذه التسمية, فإن ممّن ألّف في زمانه بعضهم سمّي بالجامع وبعضهم بالمصنف, وبعضهم بالمؤلف ولفظة الموطأ بمعنى الممهّد المنقّح )).
مراجع الفقرة: معجم مقاييس اللغة تحقيق: عبد السلام هارون: (6/91), تنوير الحوالك ص (6) دار الكتب العلمية.
نُسخ الموطأ:
قال القاضي عياض: والذي اشتهر من نسخ الموطأ ممن رويته, أو وقفتُ عليه, أو كان في روايات شيوخنا, أو نقل من أصحاب اختلاف الموطآت: نحو عشرين نسخة, وذكَرَ بعضهم
أنها ثلاثون نسخة )).
وقال الحافظ صلاح الدين العلائي: روى الموطأ عن مالك جماعات كثيرة, وبين رواياتهم اختلافات من تقديم وتأخير وزيادة ونقص, وأكبرها رواية القعنبي, ومن أكبرها وأكثرها
زيادات: رواية أبي موسى )).
وقد قال ابن حزم: ..في رواية أبي مصعب زيادة على سائر الموطآت نحو مائة حديث )).
وذكر السيوطي عدد نسخ الموطأ أربع عشرة.
وقال الشيخ ولي الله الدهلوي في (المصفى): إن نسخ الموطأ أكثر من ثلاثين, وبنى ابن عبد البر شرحيه (التمهيد) و (الاستذكار) على اثنتي عشرة رواية, وفي تقديم الأبواب وتأخيرها
اختلاف في النسخ كثير جداً, ولا بدّ منه لما تقدم أن الإمام مالك لم يزل ينقيه في كل سنة ويختبره, والرواة عنه قد أخذوا في السنين المختلفة.
وأشهر هذه النسخ هي:
1- نسخة يحيى بن يحيى المصمودي الأندلسي ت (234).
2- نسخة عبد الله بن وهب المصري ت (199).
3- نسخة عبد الرحمن بن القاسم المصري ت (191).
4- نسخة عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ت (221).
5- نسخة عبد الله بن يوسف الدمشقي التنّيسي ت (217).
6- نسخة معن بن عيسى المدني الأشجعي مولاهم ت (198).
7- نسخة سعيد بن كثير بن عفير الأنصاري ت (226).
8- نسخة يحيى بن عبد الله بن بكير القرشي مولاهم ت (231).
9- نسخة أحمد بن أبي بكر الزهري أبي مصعب ت (242).
10- نسخة مصعب بن عبد الله الزبيري الأسدي ت (236).
11- نسخة محمد بن المبارك القرشي الصوري القلانسي ت (215).
12- نسخة سليمان بن برد, وقد اختلف أهل النقل في اسمه.
13- نسخة أحمد بن أحمد السهمي أبو حذافة المدني ت (259).
14- نسخة سويد بن سعيد بن سهل الهروي أبو محمد الحدثاني.
15- نسخة محمد بن الحسن الشيباني ت (179).
16- نسخة يحيى بن يحيى التميمي الحنظلي ت (226).
ما تفرّدت به بعض النسخ:
•- تفرّد القعنبي بثلاثة أحاديث.
•- تفرد ابن عفير بأربعة أحاديث.
•- تفرد معن بن عيسى بثمانية أحاديث.
•- تفرد يحيى بن بكي بحديث واحد.
•- تفرد ابن وهب بحديث واحد.
•- تفرد أبو مصعب الزهري بحديث واحد.
•- تفرد سويد بن سعيد بحديث واحد.
•- تفرد محمد بن الحسن الشيباني بحديث واحد.
مراجع هذه الفقرة: موسوعة شروح الموطأ: عبد الله التركي (1/46-65), الموطأ بالروايات: سليم الهلالي (1/137-145) و (1/160-163), بستان المحدثين عبد العزيز الدهلوي (27-44).
عدد أحاديث الموطأ:
اختُلف في عدد أحاديث الموطأ, فنُقل عن سليمان بن بلال قوله: لقد وضع مالك الموطأ وفيه أربعة آلاف حديث, أو قال أكثر, فمات وهي: ألف حديث ونيّف, يخلّصها عاماً عاماً بقدر ما
يرى أنه أصلح للمسلمين وأمثل في الدين )).
وقال أبو بكر الأبهري: جملة ما في الموطأ من الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين: 1720 حديثاً, المسند منها 600حديث, والمرسل 222حديثاً, والموقوف
613, ومن قول التابعين 285)).
وقال ابن حزم: أحصيت ما في موطأ مالك فوجدت فيه من المسند خمسمائة ونيفاً, وفيه ثلاثمائة ونيف مرسلاً, وفيه نيف وسبعون حديثاً؛ قد ترك مالك نفسه العمل بها )).
مراجع هذه الفقرة: مقدمة تحقيق (القبس) لابن العربي, طبعة دار الغرب (1/58), المدارك للقاضي عياض (1/193), فضل الموطأ وعناية الأمة الإسلامية به لـ: محمد بن علوي
الحسني (31-37).
البلاغات والمراسيل في موطأ الإمام مالك:
يوجد في موطأ الإمام مالك ما يعرف بـ( البلاغات ) وهي من قبيل المعلّقات ، فلا يُجزم بثبوتها ، بل الأصل فيها الضعف لانقطاع الإسناد ، حتى توصَلَ بإسناد ثابت ، وقد وُجد في "
بلاغات " مالك كثير من البلاغات موصولاً بإسناد ضعيف ، أو ضعيف جداً ، وإن كان كثير منها ثابتاً.
قال ابن عبد البر رحمه الله: بلاغات مالك ومرسلاته مما بلغه عن الرجال الثقات وما أرسله عن نفسه في موطئه ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذلك 61 حديثاً )).
وقال السيوطي: صنَّف ابن عبد البر كتابا في وصل ما في «الموطأ» من المُرسل والمُنقطع والمُعْضل قال: وجميع ما فيه من قوله: بلغني, ومن قوله: عن الثِّقة عنده, مِمَّا لم يُسْنده: أحد
وسُتون حديثًا, كلَّها مُسْندة من غير طريق مالك, إلاَّ أربعة لا تعرف:
أحدها: «إنِّي لا أنْسَى, ولكن أنْسَى لأسُنَّ».
والثاني: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أُرِي أعْمَار النَّاس قبله, أو مَا شَاء الله تعالى من ذلك, فكَأنَّه تَقَاصر أعْمَار أمَّتهِ.
والثالث: قول معاذ: آخر ما أوصَاني به رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد وضعتُ رجلي في الغَرْز أن قال: «أحْسِن خُلقكَ للنَّاس».
والرَّابع: «إذَا أنْشَأت بَحْرية, ثمَّ تَشَاءمت, فتلكَ عَيْنٌ غديقة» )).اهـ
وقال الأبناسي في (الشذا الفياح): هكذا قال ابن عبد البر, واعترض عليه الحافظ إسماعيل بن عبد المحسن الأنماطي في جزء أسندها فيه فقال: أما الحديث الأول فأخرجه... )). وذكرها.
وقد وصلها الحافظ ابن الصلاح في رسالة سماها : (وصل البلاغات الأربعة في الموطأ).
[ولأحمد بن الصديق الغماري: "البيان والتفصيل لوصل ما في الموطأ من البلاغات والمراسيل"]
مراجع هذه الفقرة: التمهيد لابن عبد البر (24/161), تدريب الراوي تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف(1/212-213), الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح مكتبة الرشد (83-84),
توجيه النظر إلى أصول أهل الأثر لطاهر الجزائري تحقيق: أبو غدة (911-937).
خصوصيات الموطأ في اصطفاء أحاديثه:
•- جمع الرواية عن معظم شيوخ الحجاز.
•- اختيار الثقات منهم والأصح من حديثهم.
•- تحمّل رواية غير الحجازيين, وإن كانت قليلة.
•- انتقاء الأصح من هذه الروايات جميعها.
•- تخليص الموطأ فيما بعد من أحاديث ليس عليها العمل عاماً بعد عام.
مراجع الفقرة: الموطآت: نذير حمدان ص (314).
مصطلحات الإمام مالك في الموطأ:
للإمام مالك رحمه الله في الموطأ مصطلحات تكلّم عليها أهل العلم وبيّنوها, ومنها:
1- قوله: السنة التي لا اختلاف فيها عندنا كذا وكذا )).
يُعبّر بقوله هذا عن أقوال الفقهاء السبعة, وفقهاء المدينة.
2- قوله: هذا أحسن ما سمعت )).
يعني: إذا اختلفوا أخذ بأقوى أقوالهم وأرجحها؛ إما بكثرة القائلين, أو لموافقة قياس
قوي.
3- قال ابن عبد البر: إذا قال مالك: عن الثقة عن بكير بن عبد الله الأشجّ؛ فالثقة: مخرمة بن بكير, ويشبه أن يكون: عمرو بن الحارث.
4- قال ابن عبد البر: إذا قال: عن الثقة, عن عمرو بن شعيب؛ فهو عبد الله بن وهب, وقيل: الزهري.
وقال الحافظ ابن حجر: إذا قال: عن الثقة, عن عمرو بن شعيب؛ فقيل: هو عمرو بن الحارث, أو ابن لهيعة.
5- قال ابن وهب: كل ما في كتاب مالك (( أخبرني من لا أتهم من أهل العلم )) فهو الليث بن سعد.
6- قوله: عن الثقة, عن ابن عمر؛ هو نافع, كما قال الحافظ ابن حجر.
7- وما أرسله عن ابن مسعود؛ فرواه عبد الله بن إدريس الأودي.
8- قال الدراوردي: إذا قال مالك: على هذا أدركت أهل العلم ببلدنا )), (( والأمر عندنا ))؛ فإنه يريد ربيعة وابن هرمز.
الموضوع الأصلي : "الموطأ" و منهج الإمام مالك ــ رحمه الله ــ فيه. المصدر : منتدى رحيق الفردوس