السـؤال:

هل تغيير الشيب بغير السواد واجب أم مستحب؟ وبارك الله فيكم.

الجـواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

فالآثارُ المرويةُ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم الناهيةُ عن تغييرِ الشيب ضعيفةٌ لا تصلح للاحتجاج، وهي معارَضة بالأحاديث الصحيحة الآمرةِ بصبغ الشيب، واستحبابِ خِضابِه

للرجل والمرأة بحُمْرَة أو صُفْرَة، والأفضلُ بالحناء والكَتَم، مع امتناع خضابه بالسواد لعموم قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى لاَ يَصْبِغُونَ فَخَالِفُوهُمْ»(١- أخرجه

البخاري في «صحيحه» كتاب اللباس، باب الخضاب: (5559)، ومسلم في «صحيحه» كتاب اللباس والزينة، باب في مخالفة اليهود في الصبغ: (5510)، من حديث أبي هريرة

رضي الله عنه)، ولقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّ أَحْسَنَ مَا غَيَّرْتُمْ بِهِ هَذَا الشَّيْبَ الحَنَّاءُ وَالكَتَمُ»(٢- أخرجه أبو داود في «سننه» كتاب الترجل، باب في الخضاب : (4205)،

والترمذي في «سننه» كتاب اللباس، باب ما جاء في الخضاب: (1753)، والنسائي في «سننه» كتاب الزينة، باب الخضاب بالحناء والكتم : (5077)، وابن ماجه في «سننه» كتاب

اللباس، باب الخضاب بالحناء: (3622)، وأحمد في «مسنده»: (20831)، من حديث أبي ذر رضي الله عنه. والحديث صحّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (4/14))، أمَّا

حرمةُ السوادِ فبقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم حين جاء أبو بكر الصديقُ رضي الله عنه بأبيه: أبي قحافة يوم فتح مكة يحمله حتى وضعه بين يدي رسولِ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم

فأَسْلَمَ ورأسه ولحيته كالثَّغامة بياضًا، فقال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ»(٣- أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب اللباس والزينة، باب استحباب

خضاب الشيب بصفرة أو حمرة: (5508)، وأبو داود في «سننه» كتاب الترجل، باب في الخضاب: (4204)، والنسائي في «سننه» كتاب الزينة، باب النهي عن الخضاب بالسواد:

(5076)، وأحمد في «مسنده»:: (13993) ، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما)، وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «يَكُونُ

قَوْمٌ يَخْضِبُونَ -فِي آخِرِ الزَّمَانِ- كَحَوَاصِلِ الحَمَامِ، لاَ يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الجَنَّةِ»(٤- أخرجه أبو داود في «سننه» كتاب الترجل، : (4212)، والنسائي في «سننه» كتاب الزينة:

(5075)، وأحمد في «مسنده»: (2466)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وجوّد إسناده العراقي في «تخريج الإحياء»: (1/196)، وصحَّحه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند

أحمد»: (6/137)، والألباني في «صحيح الجامع»: (8153))، فعُلِمَ والحالُ هذه أنَّ الأحاديث الناهيةَ عن تغيير الشيب لا تقوى على معارضة الأحاديث الصحيحة الآمرةِ بتغييره،

وعلى فرض صِحَّتها جدلاً فيمكن الجمعُ بينها بحمل النهي عن تغيير الشيب بالسواد -كما تقدَّم-أو تغيير الشيب بِنَتْفِهِ.


قال ابن القيم في «تهذيب السنن»: «والصواب أنَّ الأحاديث في هذا الباب لا اختلافَ بينها بوجهٍ، فإنَّ الذي نهى عنه الرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم من تغيير الشيب أمران: أحدهما:

نتفه، والثاني: خضابه بالسواد كما تقدَّم. والذي أذن فيه هو صبغه وتغييره بغير السواد كالحناء والصفرة، وهو الذي عمله الصحابة رضي الله عنهم»(٥- «تهذيب السنن» لابن القيم: (6/103)).

قلت: وأكثرُ الصحابة رضي الله عنهم كانوا يخضبون، كالشيخين: أبي بكر وعمر(٦- انظر: «صحيح البخاري»: (3/1426)، و«صحيح مسلم»: (4/1821))، وكذلك ابن عمر أبو

هريرة وآخرون، وترك آخرون الخضاب كعلي بن أبي طالب، وأُبَيِّ بنِ كعب وأنسٍ وغيرِهم(٧- انظر: «المستدرك» للحاكم: (3/342)، و«المصنف» لابن أبي شيبة: (5/186))،

والاختلافُ إنما هو في الأفضلية، والتركُ لا يدلُّ على كراهةِ الخضاب، وإنما يدلُّ على عدم وجوبه، ولا ينفي استحبابَه، بل غايةُ ما يدلُّ عليه جواز تركه. قال النووي: «واختلافُ

السلف في فعل الأمرين بحسَبِ اختلاف أحوالهم في ذلك، مع أنَّ الأمر والنهيَ في ذلك ليس للوجوب بالإجماع، ولهذا لم يُنكر بعضُهم على بعضٍ خلافه»(٨- «شرح مسلم» للنووي:

(14/80)).



والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.



الجزائر في: 16 ربيع الثاني 1429ﻫ


الموافق ﻟ: 22/04/2008م


الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ محمد علي فركوس حفظه الله

كعادتك دوما


الفتوى او القول بالدليل والراي والري الخالف


لكن اعذرني اخي الفاضل



هلا سهلت عليك نقطتين

مسالة صباغة الشعر عند النساء طبعا اقصد المراة بحجابها يعني لن يرى شعرها الا زوجها ومحارمها


والثانية شرح كلمة الكتم الواردة في الحديث الشريف

«إِنَّ أَحْسَنَ مَا غَيَّرْتُمْ بِهِ هَذَا الشَّيْبَ الحَنَّاءُ وَالكَتَمُ


وجزاك الله خيرا


اختك حفصة

موضوع هام جدا و في قمة الروعة فالنقل بالدليل الصحيح
طرحت فابدعت
دمت ودام عطائك
ودائما بأنتظار جديدك الشيق
لك خالص احترامى
سلمت اناملك الذهبيه على ماخطته لنا
اعذب التحايا لك
وجزاك الله خيرا

موضوع ممتاز اخي الفاضل ابا ايوب


احسن الله اليك



كلما دخلت احد موضوعاتك الا واخرج بمعلومة



اختك بنت الجبل

بارك الله فيك اختي حفصة على مروروك العطر

اما بخصوص صبغ الشعر للمرأة فالذي اعلمه انه جائز الا انه يكون بلون واحد

اما ان يكون طرف منه بلون والاخر بلون فلا لانه مامور بالعدل في ذلك

اما تلك اللفظة في الحديث فلا اعلم معناها وان شاء الله عن قريب اوافيك بها

وفي الاخير تقبلوا تحياتي

اخوكم ابو ايوب

اختي العاصفة مشكورة اخيتي وماجورة باذن الله على هذا المرور والشكر

ونسال الله وتعالى ان يبارك فيك ويجعلك من الهداة المهتدين والدعاة المخلصين

وتقبلوا مني فائق الاحترام والتقدير

اخوكم ابو ايوب

اختي بنت الجبل اسعدني مرورك على متصفحي وموضوعي

وبالاخص انك استفدتي منه

مشكورة ماجورة باذن الله

تقبلوا مني فائق الاحترام والتقدير

اخوك ابو ايوب

جزاك الله خيرا اخى على هذا الطرح المفيد